للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النظم والنثر، قد عَلِم كيف يُرتَّبُ الكلامُ ويؤلَّفُ وكيف يُنَظَّمُ ويُرَصَّفُ. ولقد رأيتُ إخوتنا (١) في الدِّين كلَّما رَجعوا إلى في تفسير آيةٍ فأبرَزْتُ لهم بعض الحقائق من الحُجُب أفاضوا في الاستحسان والتعجب، حتى اجتمعوا إليّ مقترحين أن أُملي عليهم في الكَشْف من حقائقِ التَّنزيل فاستَعفَيْتُ فأبوا إلّا المراجعة والاستشفاعَ بعُظَماء الدين وعلماءِ العَدْل والتَّوحيد، فأملَيْتُ عليهم مسألة في الفواتح وطائفة من الكلام في حقائق سُورة البقرة، وكان مبسوطًا كثير السُّؤال والجواب، فلمّا صَمَّم العَزْمُ على مُعاودة جوار الله فتوجهتُ تِلقاءَ مكة وحَطَطتُ الرَّحْلَ بها إذ أنا بالشُّعبة السَّنيّة من الدَّوحة الحُسَيْنيّة (٢) الأم الشَّريف أبي الحَسَن علي بن حمزةَ بن وَهْاس أعطش النّاسِ كبدًا وأوفاهم رغبةً، فأخَذْتُ في طريقةٍ أخصَرَ من الأُولى، مع ضمان التكثير من الفوائد، ففَرَغَ منه في مدة خلافة أبي بكر الصديق ، وكان يُقدَّرُ تمامه في أكثر من ثلاثين سنةً، وما هي إلا آية من آيات هذا البيتِ المحرَّم. انتهى.

قال ابن خَلِّكان (٣): وكان الزَّمَخْشَرِيُّ معتزليَّ الاعتقاد، وأوَّلَ ما صَنَّف كتاب "الكشاف" كتب استفتاحَ الخُطبة: الحمد لله الذي خَلَقَ القُرآن، فقيل له: متى تركته على هذه [الهيئةِ] (٤) هَجَره النَّاسُ، فغيّره بقوله: الحمد لله الذي جَعلَ القُرآن، و"جَعَل" عندهم بمعنى: خَلَق. انتهى.


(١) في المطبوع من الكشاف: "إخواننا".
(٢) هكذا بخطه، وهو خطأ، صوابه ما جاء في الكشاف: "الحسنية"، فهو علي بن عيسى بن حمزة بن وهاس بن أبي الطيب الشريف السليماني الحسني المكي المعروف بابن وهاس قال الفاسي في العقد الثمين ٦/ ٢١٧: "هكذا نسبه العماد الكاتب في الخريدة (قسم الشام ٣/ ٣٢) وقال: من أهل مكة وشرفائها وأمرائها، من بني سليمان بن حسن، وكان ذا فضل غزير … قرأ على الزمخشري بمكة وبَرّز عليه … توفي في أول ولاية الأمير عيسى بن فليتة أمير مكة سنة ست وخمس مئة … إلخ.
(٣) وفيات الأعيان ٥/ ١٧٠.
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من وفيات الأعيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>