للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال السيوطي في "نواهد الأبكار" (١) بعد ذكر قدماء المُفسِّرين: ثم جاءت فرقة أصحاب نَظَرٍ (٢) في علوم البلاغة التي بها يُدرَكُ وَجْهُ الإعجاز، وصاحب "الكشّاف" هو سلطانُ هذه الطريقة، فلذا طار كتابه في أقصى الشرق والغرب (٣)، ولمّا عَلِم مصنِّفه أنه بهذا الوَصْف قد تجلى قال تحدُّثًا بنعمة ربه وشكرًا، وهو الكتاب الذي قال المصنف فيه يمدحه:

إِنَّ التَّفاسير في الدُّنيا بلا عددٍ … وليس فيها لعمري مثل كشّافي

إن كنتَ تبغي الهُدى فالزَمْ قراءته … فالجهل كالدّاءِ والكشاف كالشافي

وقد نَبَّه في خُطبته مشيرًا إلى ما يجب في هذا الباب من الأوصاف، ولقد صَدَق وبَرَّ، ورَسَخ نظامه في القلوب وقَرَّ.

وتعقبه البلقيني في "الكشاف" (٤) قائلا: قصد الزَّمَخْشَرِيُّ بما أبان الإشارة إلى براعته في علم المعاني والبيان، وكيف يترجَّحُ فنّانِ جَمَعهما أوراقٌ يسيرةً قد وُضِعا بعدَ الصَّحابة والتابعين؟ وما على النّاسِ من اصطلاح أتى به عبد القاهر واقتفاه الشكاكي ولا يقوم لهما في كثير من المقامات دليل؟ وعلمُ التَّفسير إنما يُتلقَّى من الأخبار.

أقول (٥): لم يتواردِ البُلقينيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ على محلٍّ واحد، وليس الزَّمَخْشَرِيُّ - لانحصار تلقِّي التَّفسير من الأحاديث والآثار - بجاحد، وإنَّما


(١) نواهد الأبكار وشوارد الأفكار ١/ ٣.
(٢) في م: "النظر"، خطأ، والمثبت من خط المؤلف، وهو الموافق لما في المصدر الذي ينقل منه.
(٣) في م: "المشرق والمغرب"، وهو تصرف بالنص، فالمثبت هو الذي بخط المؤلف، وهو الذي في "نواهد الأبكار" الذي ينقل منه!
(٤) هذا كلام السيوطي في النواهد، والمؤلف لا ينقل إلا منه، وهو مختصر نص السيوطي ١/ ٦ فما بعدها.
(٥) القائل هو السيوطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>