للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقصوده أنّ القَدْرَ الزَّائدَ على التَّفسير من استخراج محاسن النِّكَتِ والفِقَر ولطائف المعاني التي تُستعمَلُ فيها الفكر وبيانِ ما في القُرآن من الأساليب لا يتهيأ إلا لمَن بَرَع في هذين العلمين؛ لأنّ لكل نوع أصولا وقواعد ولا يُدرَكُ فنٌّ بقواعدِ فنٍّ آخَرَ، والفقيه والمتكلِّمُ بمعزل عن أسرار البلاغة، وكذا النَّحْوي واللُّغَوِيُّ، وقد كان الصَّحابةُ يعرفونَ هذا المَغْزَى بالسَّليقة، فكانوا يعرفونَ بالطَّبع وجوة بلاغته، كما كانوا يعرفون وجوه إعرابه، ولم يحتاجوا إلى بيان النَّوعَيْنِ في ذلك؛ لأنه لم يكن يجهَلُهما أحدٌ من أصحابه، فلما ذهب أرباب السَّليقة وُضِع لكلِّ من الإعراب والبلاغة قواعد يُدرَكُ بها ما أدركه الأوّلون بالطَّبع، فكان حُكمُ عِلم المعاني والبيان كحكم النحو.

ولمّا كان كتابُ "الكَشّاف" هو الكافل في هذا الفنِّ اشتهر في الآفاق واعتنى الأئمة المحققون بالكتابة عليه، فمِن مُميِّز لاعتزال حاد فيه عن صَوْب الصَّواب، ومِن مُناقش له فيما أتى به من وجوه الإعراب، ومن مُحشِّ وَضَحَ ونَقَّحَ واستشكل وأجاب، ومن مُخرج لأحاديثه عَزَا وأسنَد وصحح وانتقد، ومن مختصر لخَّص وأوجَزَ. فممَّن كُتب عليه (١):

١٤٦٣٩ - الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنيِّر الإسكندري المالكي كتابه "الانتصاف" بيّن فيه ما تضمنه من الاعتزال وناقشه في أعاريب أحسن فيها الجدال، توفِّي سنة (٢)


(١) يلاحظ أن المؤلف ينقل من النواهد ١/ ٩ فما بعد.
(٢) هكذا بيض لوفاته، لعدم معرفته بها حال الكتابة وتوفي ابن المنيّر سنة ٦٨٣ هـ، وتقدمت ترجمته في (٨٦٥) وقال المؤلف معقبًا في حاشية نسخته بما يأتي: "ضعف الإمام ناصر الدين أحمد بن منير المالكي الإسكندي كتابًا في رده سماه "الانتصاف من الكشاف" ذكر فيه العبارة بقوله: قال أحمد، وربما أطال في نقل كلام الزمخشري من غير كلام عليه إعجابًا به فاختصره بعض العلماء بقصر الإطالة".

<<  <  ج: ص:  >  >>