للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولم يُحسِن (١) وَضْعَه، وإما من أجاد وَضْعَه ولم يُجِدُ جَمْعَه، ولم أجد في كتب اللغة أجمل من "تهذيب اللغة" لأبي منصور، ولا أكمل من "المُحكَم"، وهما من أُمّهاتِ كتب اللُّغة على التحقيق، غير أن كلا منهما مطلبٌ عَسِرُ المَهْلِك ومَنْهَل وَعِرُ المَسْلَك، وكان واضعُه شَرَع للناس مَوْرِدًا عَذبًا ومنعهم منه قد أخر وقدَّم وقصد أن يُعرِبَ فأعجم، فأهمل النّاسُ أمرهما وانصرفوا عنهما، وليس لذلك سبب إلا سوء الترتيب وتخليط التفصيل والتبويب. ورأيتُ الجَوْهري قد أحسَن ترتيب، مختصره، فخَفَّ على النّاس أمره فتداولوه، غير أنه في جو اللغة كالذَّرّة وفي بحرِها كالقطرة، وهو مع ذلك قد صُحف وحُرِّف فأُتيح له الشَّيخُ ابن بَرّي فتتبع ما فيه، فاستَخَرْتُ الله في جَمْع هذا الكتاب على ترتيب الصحاح مُضافًا (٢) إلى ما فيه من آياتِ القُرآن والأخبار والأمثال والآثارِ والأشعار حَلّه وعقده (٣)، ورأيتُ ابن الأثير قد جاء في ذلك بالنّهاية غير أنه لم يضع الكلمات في محلها ولا راعى في ذلك زائدَ (٤) حروفها من أصلها، فوَضَعتُ كلا منها في مكانه، فجمعت فيه ما تفرق في كتبهم، وأنا مع ذلك لا أدَّعِي فيه شافَهْتُ أو سَمِعتُ أو فَعَلتُ أو صَنَعتُ أو رَحَلتُ أو نَقَلتُ، فكل هذه الدَّعاوَى لم يَترُكُ فيها الأزهري وابنُ سِيدَه لقائل مقالا، ولعَمْري، إنهما قد جَمَعا فأوعبا (٥)، وليس لي في هذا الكتاب فضيلة سوى أنّني جَمَعتُ فيه ما تفرق.


(١) في م: فإنه لم يحسن، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في م: "مضيفًا"، والمثبت من خط المؤلف، وهو الموافق لما في مقدمة اللسان ١/ ٨.
(٣) في م: "حل عقده"، والمثبت من خط المؤلف، وهو الموافق لما في مقدمة اللسان.
(٤) في م: "زوائد"، والمثبت من خط المؤلف، وهو الذي في اللسان.
(٥) في م والمطبوع من اللسان: "فأوعيا" بالياء آخر الحروف، وما هنا بخط المؤلف وهو الأصح إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>