للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نَقَراتُها مُنغَّمةً أو ساذجةً. وكلامُه يُشعر بكَوْن البحث عن الأزمنة التي تكون نَقَراتُها منغَّمةً فقط.

وعرَّفها الشَّيخُ أبو نَصْر (١) بأنها: صوت واحدٌ لايت زمانًا ذا قَدْرٍ محسوس في الجسم الذي فيه يوجَدُ والزَّمانُ قد يكون غير محسوس القَدْر لصِغَرِه فلا مدخل للبحث والصّوتُ اللابتُ فيه لا تُسمّى نَغَمَةً. والقومُ قَدَّروا أقل المرتبة المحسوسة في زمان يقعُ بين حرفين متحرِّكيْنِ ملفوظين (٢) على سبيل الاعتدال، فظهر لنا أنه يشتمل على بحثَيْنِ: البحث عن أحوال النغم، والبحث عن الأزمنة. فالأول: يُسمى علم التأليف، والثاني: علم الإيقاع. والغايةُ والغَرَضُ (٣): حصول معرفة كيفية تأليف الألحان، وهو في عُرفهم جماعة نغم مختلفة (٤) الجدة والثِّقَل رُتِّبت ترتيبًا ملائمًا، وقد يقال: وقُرنت بها ألفاظ دالة على معانٍ محرّكةٍ للنَّفْس تحريكًا مُلِذًّا. وعلى هذا ما يترنَّمُ به الخُطباء والقَرَاةُ (٥) يكونُ: لحنا، بخلاف التعريف الثالث، وهو: وقُرنتْ بها ألفاظ منظومة مظروفةٌ لأزمنة موزونة. فالأول أعمُّ من الثاني والثالث، وبين الثاني والثالث عموم من وجه.

اتَّفق الجمهور على أنّ واضعَ هذا الفنّ أوّلا: فيثاغورس، من تلاميذ سُليمان ، ورأى (٦) في المنام ثلاثة أيام متواليةً أن شخصًا يقول له: قم واذهب إلى ساحل البحر الفُلاني وحصل هناك علمًا غريبًا، فذهب من غدٍ كلَّ ليلة من الليالي إليه فلم ير أحدًا فيه، وعلم أنها رؤيا ليست مما


(١) يعني: الفارابي.
(٢) في الأصل: متحركتين ملفوظتين.
(٣) في م: "والغرض منه"، والمثبت من خط المؤلف.
(٤) في م: "أنغام مختلفة"، والمثبت من خط المؤلف.
(٥) في م: "القراء"، والمثبت من خط المؤلف.
(٦) في م: "وكان رأى"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>