ودلائله مستنبَطَةٌ من قواعدِ علم المخارج وتتبُّع مفردات ألفاظ العرب واستعمالاتها.
والغَرَض منه: تحصيلُ مَلَكَةٍ يُعرَفُ بها الانتساب على وجه الصواب.
وغايتُه: الاحتراز عن الخَلَل في الانتساب.
واعلم أن مدلولَ الجَواهِر بخُصوصها يُعرفُ مِن اللغة وانتسابِ البعض إلى البعض على وجهٍ كلِّيٍّ، إن كان في الجَوْهر فالاشتقاق، وإن كان في الهيئة فالصرف، فظهر الفرقُ بين العلوم الثلاثة، وإن الاشتقاق واسطة بينهما، ولهذا استَحسَنوا تقديمه على الصرف وتأخيره عن اللغة في التعليم.
ثم إنه كثيرًا ما يُذكَرُ في كتب التصريف، وقلما يُدوَّن مفردًا عنه، إما لقلَّةِ قواعِدِه، أو لاشتراكهما في المبادئ حتى إن هذا من جملة البواعث على اتحادهما، والاتحاد في التدوين لا يستلزم الاتحاد في نفْس الأمر.
قال صاحب الفوائد الخاقانية: اعلم أن الاشتقاق يُؤخَذُ تارةً باعتبار العِلم، وتارةً باعتبار العمل، وتحقيقه أن الضارب مثلا يوافقُ الضَّربَ في الحروفِ الأصول والمعنى بناءً على أن الواضع عين بإزاء المعنى حروفًا وفرع منها ألفاظًا كثيرة بإزاء المعاني المتفرعة على ما يقتضيه رعاية التناسب. فالاشتقاق هو هذا التفريعُ والأخذ، فتحديده بحسب العلم بهذا التفريع الصادر عن الواضع (١) هو أن تجد بين اللفظين تناسبًا في المعنى والتركيب، فتعرف ردَّ أحدهما إلى الآخر وأخْذَهُ منه، وإن اعتبرناه من حيثُ احتياج أحدٍ إلى عمله، عرفناه باعتبار العمل، فنقول: هو أن تأخُذَ مِن أصل فرعًا توافقه في الحروف الأصول، وتجعَلَهُ دالًّا على معنًى يوافقُ معناه، انتهى.