للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقط. قال بعضُ العلماء: إنّ اعتقاد التأثير بذاتها حرام. وذكر صاحب "مفتاح دار السعادة" (١): ابن قيم الجوزيّة فأطنب في الطعن والتّعيير (٢).

فإن قيل: لمَ لا يجوز أن يكون بعض الأجرام (٣) العُلْوِيّةُ أسبابًا لحوادثِ السُّفْلية، فيَستدلَّ المُنجِّمُ العاقلُ من كيفية حركات النجوم واختلافات مناظرها وانتقالاتها من برج إلى برج إلى بعض الحوادث قبل وقوعها، كالطبيب المستدلّ بكيفية حركات النَّبْض إلى حدوث العلة قبل وقوعها؟

يقال: يمكن على طريق إجراء العادة أن يكون بعض الحوادث سببًا لبعضها، لكن لا دليل فيه إلى (٤) كون الكواكب أسبابَ السَّعادة وعِلَلَ النُّحوسة، لا جسًا ولا عقلا وسمعا (٥): أمّا حِسا فظاهرُ أنّ أكثر أحكامهم ليست بمستقيمة كما قال بعضُ الحُكَماء: جُزئيّاتُها لا تُدرَك وكُلياتها لا تُحقق. أمّا عَقْلًا فإنّ عِلَلَ الأحكاميِّين وأصولهم متناقضةٌ، حيث قالوا: إنّ الأجرام العُلُويّة ليست بمُركَّبة من العناصر بل هي طبيعة خامسة. ثم قالوا ببرودة الزُّحَل ويُبوسته وحرارةِ المُشتري ورطوبته، فأثبتوا الطبيعة إلى الكواكب وغير ذلك. وأمّا شرعًا مذموم بل ممنوع، كما قال مَن أتى كاهنًا بالنُّجوم أو عَرَّافًا أو مُنجِّمًا فصدَّقه فقد كفر بما أنزل على محمد" (٦)، الحديث. وسببُ المُبالغة في النَّهي ثلاثةٌ، ذكره الشَّيخُ علاء الدولة في "العُروة الوثقى".


(١) مفتاح دار السعادة للعلامة الإمام ابن قيم الجوزية في مواضع كثيرة منها في ٣/ ١١٧٢ فما بعد.
(٢) أفسد ناشرو التركية النص فكتبوه كما يأتي: "ذكر صاحب مفتاح السعادة (كذا) أن ابن قيم الجوزية أطنب في الطعن فيه والتعبير"!
(٣) في الأصل: "أجرام".
(٤) في م: "على"، والمثبت من خط المؤلف.
(٥) في م: "ولا سمعا"، والمثبت من خط المؤلف.
(٦) أخرجه أحمد في مسنده ١٥/ ١٣٣ من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف، وهو عند الحاكم في المستدرك ١/ ٨، والصواب أن هذا من قول ابن مسعود ، أخرجه معمر في جامعه (٢٠٣٤٨)، والطيالسي في مسنده (٣٨١)، وابن الجعد في مسنده (١٩٤٧) و (١٩٥٠) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>