للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاستيلاء قسمان:

أحدهما: استيلاءٌ يَمْحَق الشَّرَّ ويَدْفَعُ الضُّرَّ، وإليه أشار قوله : "والسلاح على الأعداء" فبالعِلْم يُزْهَقُ الباطل وتَنْدفعُ الشُّبهة والجهالة.

قيل لبعض المناظرين: فيمَ لذتكَ؟ فقال: في حُجة تَتبَخْتر إيضاحًا وشُبهة تتضاءل افتضاحا.

وثانيهما: استيلاءٌ يَجْلِبُ الخيرَ ويُذْهِبُ الضَّيْرَ، وإليه أشار قوله : "والزَّينُ عند الأخلاء" أي أنَّ العِلْم جمالٌ وحُسْنُ وكمال يجذب القلوب من الأخلاء كما قيل:

العِلْمُ زَيْن وكنزٌ لا نفاذ له … نعمَ القَرِين إذا ما عاقلًا صَحِبا

القسم الثاني: ما يَجْلبهُ العِلْمُ من الوَجَاهِةِ والرُّتْبة، وهي إما عندَ الله، وإما عند الملأ الأعلى، أو عند الملأ الأسفل.

الأول: أشار إليه قوله : "يرفع الله به أقوامًا"، أي: يُعْلِي مَقامَهُم ورُتْبَتَهُم فيَجْعَلهم في الخَير قادةً وأئمةً أي: شُرفاء النّاس وسادتهم. والقادةُ: جَمْع قائد وهو الذي يجذب إلى الخَيْر، إما مع الإلزام كالقاضي والوالي اللذين إلزامهم على الظاهر وكالخَطِيب والواعظ: اللذين إلزامهم على الباطن وكالأئمة الذين بعلمهم يُهتَدَى وبحالهم يُقتدى.

والثاني: أشار إليه قوله : "ترغب الملائكة في خلّتهم أي: لهم من المنزلة والمكانة في قُلُوبهم ما استولى على غُيوب بواطنهم فرَغِبوا في محبتهم وأنسُوا بملازَمَتِهم وما استولى على ظواهرهم فيتبركون بمسحهم.

والثالث: أشار إليه قوله : "يَسْتَغفر لهم كُلُّ رَطب ويابس"، فشَمَل النّاطقَ والنّافِس. قيل: سبب استغفار هؤلاء رُجوع أحكامهم إليهم في صَيْدِهم وقَتْلِهم وحِلِّهم وحُرْمَتِهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>