للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للأمراء وجيوش الإسلام يأتمرون ذلك، لكن بين من يقول: افعل، وبين من يفعل بونٌ بعيد وفرق ظاهر، ونحن الآن وأنتم وإن اختلفنا في الزي، فوارثان لإرث النبوة وكجسم واحد، فاستحسنوا هذا، وأثنوا بخير، وأرضيتهم بهذا الفصل خوفاً من التشعيث» (١).

هكذا كان ينشر عقيدة السلف بين طلاَّبه، وإن أحسَّ بخطر من الدولة الشيعية فرَّ من ذلك بجواب لبق، خوفاً من شرِّهم، وفرح كثيراً لمَّا زالت دولتهم، وأصبح في غنى عن مثل تلك الأجوبة، فنشر عقيدته وعقيدة من سبقه من علماء الملة؛ إذ يقول فيهم:

وهم الأئمة إن أردتَ أئمَّة … وهم الرجال لئن أردت رجالَا (٢)

وإلى جانب اعتقاده في كثير من مسائل العقيدة اعتقاد السلف الصالح رضوان الله عليهم، إلاَّ أنَّ ثمَّة أمور ينبغي التنبيه عليها أوردها السِّلفي في كتابه هذا، تخالف ما كان عليه السلف الأولون، وهي في الجملة أمور تتعلق ببعض المحدثات وقع فيها بعض الأئمة ـ غفر الله لنا ولهم ـ ورواها عنهم السِّلفي ولم ينكرها، بل ظاهره تقويتها والفخر بها، وهي من آثار التصوف الذي كان يمارسه في رحلاته في رُبُط الصوفية، وتقدَّم أنَّ أباه وجدَّه كانا صوفيين، وبعض شيوخه معروف بالتصوف، وقد حكى عنهم ومن طريقهم بعض الآثار المخالفة لما كان عليه سلف الأمة من حسن الاعتقاد، فمن تلك الآثار التي رواها في كتابه، قال:

١ ـ سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن علي بن الحُسين بن زكريا الصوفي، بقراءتي عليه يقول: سمعتُ والدي أبا الحسن علي بن الحسين المقرئ يقول: «كُنْتُ رَاجِعاً مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ ، فَلَقِيَنِي أَبُو الحَسَن المَوْصِلِيُّ، وَكَانَ مِنْ صُلَحَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ


(١) معجم السفر (ص ٤١١)، والتشعيث هو التفرُّق والتفريق.
(٢) قصيدة من إنشاء السِّلفي (ص ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>