وكذا هو الإسناد في الأصل، ولم أقف عليه عند غير المصنف، ويُحتمل أنَّه سقط رجال الإسناد بين ابن لهيعة وصحابيِّ الحديث، فقد أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه كما في الإصابة (٢/ ٣٥٢) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير اليَزني، عن سعيد بن فلان: «أنَّ رجلاً قال يا رسول الله أوصني … »، الحديث. ووافق ابنَ لهيعة على هذا الإسناد الليث بنُ سعد: أخرجه أحمد في الزهد (ص ٧٨)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٨٢٧، ٨٢٨)، والبغوي في معجم الصحابة (٣/ ٨٠)، وأبو عروبة الحراني في المنتقى من الطبقات (ص ٥٩)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٣/ ١٣٠٠)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (١/ ٢٩١)، والبيهقي في الشُّعب (١٣/ ٤٢٤)، والضياء في المختارة (٣/ ٢٩٩)، والرافعي في التدوين (٢/ ١٧١، ١٧٢) من طرق عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير اليَزني، عن سعيد بن يزيد به. وسعيد بن يزيد مختلف في صحبته، نفاها عنه أبو حاتم، وذكره أبو نعيم وابن منده وغيرهما في الصحابة. وقد اختلف في إسناده على يزيد بن أبي حبيب، فرواه عنه ابن لهيعة والليث كما تقدَّم، وخالفهما عبد الحميد بن جعفر، فرواه عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن يزيد، عن ابن عم له قال: قلت: «يا رسول الله، أوصني … » الحديث. أخرجه من طريقه البغوي في معجم الصحابة (٣/ ٨١)، وقال: «نقص من إسناده أبا الخير، وزاد فيه عن ابن عم له، والصواب عندي ما رواه عبد الحميد بن جعفر؛ لأنَّه زاد فيه عن ابن عم له». وذكر أبو حاتم رواية عبد الحميد، وقال: «كنَّا لا ندري له صحبة أم لا (أي سعيد بن يزيد) … فدلَّنا (أي طريق عبد الحميد) على أن لا صحبة له». انظر: المراسيل (ص ٦٨)، جامع التحصيل (ص ١٨٥). وصوَّب الدراقطني أيضاً رواية عبد الحميد، فقال: «وقول عبد الحميد بن جعفر أشبه» العلل (٣/ ٤٢٢)، إلاَّ أنَّه ذكر في إسناده أبا الخير. وأخرجه الطبراني في الكبير (٦/ ٦٩، ٧٠) من طريق عبد الله بن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن يزيد: أنَّه قال للنبيِّ ﷺ أوصني … ». وأشار أبو حاتم إلى هذه الرواية فقال: «وروى بعضُهم عن سعيد بن يزيد، قال: قلت للنبي ﷺ، وليس بمحفوظ». الجرح والتعديل (٤/ ٧٢). والذي يظهر أنَّ أولى الروايات رواية ابن لهيعة والليث بن سعد؛ لثقة وإمامة الليث، وأمَّا عبد الحميد بن جعفر فهو صدوق يهم، كما في التقريب. وفي صحبة سعيد بن يزيد نظر؛ إذ ليس في السند ما يصرح بصحبته، وقد ذكره ابن يونس، وقال: «كان أميرَ مصر ليزيد بن معاوية»، ثم ذكر له ثلاثة من الرواة عنه. انظر: الإنابة لمغلطاي (١/ ٢٥٨). تنبيه: ذكر الضياء في المختارة (٣/ ٣٠٠) هذا الحديث في مسند سعيد بن زيد النوفلي الصحابي المشهور، أحد العشرة المبشرين، تبع في ذلك الدارقطني في العلل، وقال عن روايته إنَّها رواية صحابي عن صحابي، والصواب أنَّه ابن يزيد لا ابن زيد. والحديث ذكره الألباني في الصحيحة (٢/ ٣٦٦)، وجزم بصحبة سعيد بن يزيد.