للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (١)، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ((العِزُّ إِزَارُهُ، وَالكِّبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ)) (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (( … فاحترازٌ عما هو لبعض المخلوقات كمال دون بعض، وهو نقص بالإضافة إلى الخالق لاستلزامه نقصاً، كالأكل والشرب مثلاً، فإن الصحيح الذي يشتهي الأكل والشرب من الحيوان، أكمل من المريض الذي لا يشتهي الأكل والشرب؛ لأن قوامه بالأكل والشرب، فإذا قُدِّرَ غير قابلٍ له، كان ناقصاً عن القابل لهذا الكمال، لكن هذا يستلزم حاجة الآكل والشارب إلى غيره، وهو ما يدخل فيه من الطعام والشراب، وهو مستلزم لخروج شيء منه كالفضلات، وما لا يحتاج إلى دخول شيء فيه، أكمل ممن يحتاج إلى دخول شيء فيه، وما يتوقف كماله على غيره أنقص مما لا يحتاج

في كماله إلى غيره؛ فإن الغني عن شيء أعلى من الغني به، والغني بنفسه أكمل من الغني بغيره.

ولهذا كان من الكمالات ما هو كمال للمخلوق وهو نقص بالنسبة إلى الخالق، وهو كل ما كان مستلزماً لإمكان العدم عليه، المنافي لوجوبه وقيوميته، أو مستلزماً للحدوث المنافي لقدمه، أو مستلزماً لفقره المنافي لغناه)) (٣).

وقال في موضع آخر: ((إن الذي يستحقه الرب هو الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وأنه الكمال الممكن للموجود، ومثل هذا لا ينتفي عن الله أصلاً، والكمال النسبي، هو المستلزم للنقص، فيكون كمالاً، من وجه دون وجه، كالأكل للجائع كمالٌ له، وللشبعان نقص فيه، لأنه ليس بكمال محض، بل هو مقرون بالنقص.


(١) الآية [٢٣] من سورة الحشر.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١٦/ ٣٨٩ مع النووي)، كتاب البر والصلة، باب تحريم الكبر، برقم (٦٦٢٣).
(٣) تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>