للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعالي والتكبر والثناء على النفس، وأمر الناس بعبادته ودعائه والرغبة إليه، ونحو ذلك، مما هو من خصائص الربوبية، هذا كمال محمود من الرب تبارك وتعالى، وهو نقص مذموم من المخلوق)) (١).

((فالكبرياء والعظمة له، بمنزلة كونه حياً قيوماً قديماً واجباً بنفسه، وأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه العزيز الذي لا ينال، وأنه قهار لكل ما سواه.

فهذه كلها صفات كمال لا يستحقها إلا هو، فما لا يستحقه إلا هو، كيف يكون كمالاً من غيره وهو معدوم لغيره؟ فمن ادعاه كان مفترياً منازعاً للربوبية في خواصِّها، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: العَظَمَةُ إِزَارِي، وَالكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا عَذَبْتُهُ)) (٢)، وجملة ذلك أن الكمال المختص بالربوبية ليس لغيره فيه نصيب، فهذا تحقيق اتصافه بالكمال الذي لا نصيب لغيره فيه، ومثل هذا الكمال لا يكون لغيره، فادعاؤه منازعة للربوبية، وفرية على الله)) (٣).

فهذا القيد مهم جداً في تطبيق هذه القاعدة وفهمها، واحتراز بالغ الأهمية تجب مراعاته والاعتناء بفهمه ودركه؛ لئلا ينسب إلى الله -عز وجل- شيء من النقص الذي يتنزه عنه.

وقال أيضًا: "إن كل صفة من صفات الكمال إذا لم تستلزم نقصاً فالواجب أولى بها من الممكن، واتصافه بها أولى من الممكن لأنه أكمل، ولأن كل كمال حصل


(١) تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٣٩).
(٢) أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود في سننه (٤/ ٢٢٦ - ٢٢٧)، كتاب اللباس، باب ما جاء في الكبر، برقم (٤٠٩٠)، وابن ماجه في سننه (٤/ ٤٥٧)، كتاب الزهد، باب البراءة من الكبر، والتواضع، برقم (٤١٧٤).
(٣) تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>