للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يجب أن يُعلم: أن الانحراف في هذا الباب- باب العبادة- أعظم من الانحراف في سائر الأبواب؛ فانحراف الناس في باب العبادة أكثر من انحرافهم في باب الأسماء والصفات.

وسبب ذلك- كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: «لأنَّ الانحراف في أمر العبادة انحراف في أمر الإرادة، أمَّا الانحراف في باب الأسماء والصفات فهو انحراف في باب العِلم، وباب العلم كما هو معلوم قد لا يَناله كثيرٌ من الناس، بينما أمر الإرادة أمر مُشترك؛ حتى البهائم لها إرادة، وبالتالي يقع الانحراف كثيرًا في باب العبادة أكثر من وقوع الانحراف في باب الأسماء والصفات، وعلى هذا فالبدع في باب العبادة أكثر من البِدع في باب الأسماء والصفات، وهذا أمرٌ ملموس مشاهد؛ فمن يتأمل أحوال الناس يجد أن عندهم من الانحرافات في باب توحيد العِبادة ما هو أعظم من الانحرافات في باب الأسماء والصفات، وأنواع البدع تشهد بذلك.

فعلى العبد أن يحقق العبادة؛ التي هي غاية الأمور المحبوبة لله سبحانه وتعالى، والتي مِنْ أجلها خَلَقَ الخَلْقَ، وبها أرسل الرسل، وأَنزل الكتب، حتى إن أول أمر نزل في القرآن هو قوله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة الآية: ٢١].

فإذا كانت العبادة بهذه المنزلة- فعلينا أن نحذر ممن يعمل على إسقاطها، أو مَنْ يُقلل من شأنها، وأن نعمل جاهدين لتحقيق العبادة على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه، وأن نسعى كذلك في تعليمها للناس، وفي غرسها في نفوسنا ونفوس أبنائنا ونفوس طُلَّابنا؛ فهي مسئولية عظمى.

وعلى المسلم أن يُرَتِّب طريقةَ تعليمه للمسلمين على أولويات الدين، إذ هناك مَنْ يسعى لترتيب مسائل وأبواب الاعتقاد بترتيب منكوس؛ فيأتي بمسائل هي من

<<  <  ج: ص:  >  >>