لواحق أمور العقيدة ويجعلها أساسًا، ويأتي بمسائل- مثلًا- في الأسماء والأحكام ويُقَدِّمها على مسائل التوحيد، فليس هذا من الحق في شيء، فأوليَّات وأولويات هذا الدِّين مرتبة، كما نبَّه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- معاذًا على ذلك؛ فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما:«أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمَّا بعث معاذًا ? على اليَمن، قال: «إنَّك تَقْدُمُ على قومٍ أهل كتاب؛ فَلْيَكُن أولَّ ما تَدعوهم إليه: عبادة الله، فإذا عَرفوا الله، فأخبرهم أنَّ الله قد فَرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فَعلوا، فأخبرهم أنَّ اللهَ فرض عليهم زكاة من أموالهم وتُرد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها، فَخُذ منهم وتَوَقَّ كرائمَ أموال الناس»(١).
وأيضًا هذا المقام- مقام العِبادة- مَقام عظيم، وهو شَرف لمن حَقَّقه وانتسب إليه؛ فهو شرفٌ لملائكة الله تعالى المُقربين الذين لهم من المنزلة ما ذكر الله سبحانه وتعالى من أوصافهم؛ فقال:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء الآيات: ٢٠، ١٩].
فمع ما وضع اللهُ فيهم مِنْ عِظم الخلق، وما جعل لهم من المنزلة، إلا أنَّهم لا يستكبرون عن عبادته سبحانه وتعالى!
فلذلك حق على كل مسلم أن يَعتني بهذا الأمر حق الاعتناء، وان يهتم به غاية الاهتمام؛ علمًا وعملًا، وكذلك دعوة وتطبيقًا.
وجميع الأنبياء بعثوا بدين واحد وهو الإسلام: وهو إسلام الوجه لله، وإفراد الله بالعبادة، وقد أورد الله سبحانه وتعالى هذا الأصل في القرآن في مواضع كثيرة، فبين جل وعلا أنه بعث جميع الأنبياء بدين واحد، وهو إفراد الله بالعبادة، وإليك بعض الأدلة على ذلك: