ويدل لذلك ما ورد عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته:«وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك … الحديث»(١)
قال النووي رحمه الله:"المقت: أشد البغض، والمراد بهذا المقت والنظر ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد ببقايا أهل الكتاب الباقون على التمسك بدينهم الحق من غير تبديل" اهـ.
وأما الإسلام بالمعنى الخاص فهو الدين الذي بعث الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. وبهذا المعنى الخاص للإسلام لا يصح أن يقال كان هناك دين اسمه الإسلام قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويرى آخرون: أنّه لم توصف به الأمم السّابقة، وإنّما وصف به الأنبياء فقط، وشرّفت هذه الأمّة بأن وصفت بما وصف به الأنبياء، تشريفاً لها وتكريماً.
ووجه اختصاص الأمّة المحمّديّة بهذا الاسم " الإسلام " هو: أنّ الإسلام اسمٌ للشّريعة المشتملة على العبادات المختصّة بهذه الأمّة، من الصّلوات الخمس، وصوم رمضان، والغسل من الجنابة، والجهاد، ونحوها. وذلك كلّه مع كثيرٍ غيره خاصٍّ بهذه الأمّة، ولم يكتب على غيرها من الأمم، وإنّما كتب على الأنبياء فقط. ويؤكّد هذا المعنى - وهو اختصاص الأمّة المحمّديّة باسم الإسلام - قوله تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ}[الحج الآية: ٧٨]. فالضّمير (هو) يرجع لإبراهيم عليه السلام، كما يراه علماء السّلف لسابقيّة قوله في الآية الأخرى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَكَ] {البقرة الآية: ١٢٨]. فدعا بذلك لنفسه ولولده، ثمّ دعا لأمّةٍ من ذرّيّته، وهي هذه الأمّة فقال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ] {البقرة الآية: ١٢٨].