تكلم به بلسانه دون قلبه فهو من أهل الجنة، وهو غلط عليهم، بل يقولون إنه مؤمن كامل الإيمان، وإنه من أهل النار. (١)
المتن
قال المصنف رحمه الله تعالى:"فهؤلاء المتصوفون الذين يشهدون الحقيقة الكونية، مع إعراضهم عن الأمر والنهي شر من القدرية المعتزلة ونحوهم، أولئك يشبَّهون بالمجوس، وهؤلاء يشبَّهون بالمشركين الذين قالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام الآية: ١٤٨]، والمشركون شر من المجوس".
الشرح
يشير المصنفُ بهذا إلى بعض كبار شيوخ المتصوفة المُدَّعين للتحقيق والتوحيد والعرفان؛ إذ وقع هؤلاء في هذا المزلق الخطير، وهو إقصاؤهم للأمور الشرعية، وتركيزهم على الحقائق الكونية القدرية، وإن كان نظرهم كذلك هو نظر الجبرية.
فالصوفية والجبرية يتكلمون بلسان واحد في باب القَدَر، فإذا ذكر الصوفية في هذه المسائل فاعلم أنَّهم جبرية؛ فهم والجهمية في خندق واحد، مع تعطيلهم لباب الحقائق الدينية، ومع تعطيلهم للأوامر والنواهي، فما أراده الجَهْمُ- وهو أول مَنْ برز بعد الجعد في مسائل الكلام- أراد هؤلاء أن يحققوه، فالهدف عندهم واحد، والطريق واحد، والمؤدَّى واحد، فانظر كيف يلتقي أهل الباطل مع بعضهم في هذه المسائل.