للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله ".

فالله تعالى قد وصفه بالعبودية حين أرسله، وحين تحدى، وحين أسرى به فقال تعالى {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} [الجن: الآية (١٩)].

وقال تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: الآية (٢٣)].

وقال تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: الآية (١)].

وأهل الباطل يقولون لمن وصفهم بالعبودية إنه عابهم وسبهم ونحو ذلك.

ولهذا لما سأل النجاشي جعفر بن أبي طالب رضي لله عنه ما تقول في المسيح عيسى؟ فقال: هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه رفع النجاشي عودًا وقال: ما زاد المسيح على ما قلت هذا العود فنخرت بطارقته (١). فقال: وإن نخرتم" (٢).

فهم يجعلون قول الحق في المخلوق سبًا له، وهم يسبون الله ويصفونه بالنقائص والعيوب كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك. أما تكذبه إياي أن يقول: إني لن أعيده كما بدأته، وأما شتمه إياي أن يقول: اتخذ الله ولذا، وأنا الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم


(١) أي تكلمت، وكأنه كلام مع غضب ونفور. النهاية (٥/ ٣٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢٠١ - ٢٠٣) (٥/ ٢٩٠ - ٢٩٢).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٢٤ - ٢٧) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٩٣ - ٢٩٥).
وهو في سيرة ابن هشام (١/ ٢٨٩ - ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>