فالتوكل على الله وحده، والرغبة إليه وحده، والرهبة منه وحده.
ليس لمخلوق لا الملائكة ولا الأنبياء في هذا حق كما ليس لهم حق في العبادة ولا يجوز أن نعبد إلا الله وحده ولا نخشى ولا نتقى إلا الله وحده كما قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: الآية (٢)].
فإذا قال القائل لا يجوز التوكل إلا على الله وحده، ولا العبادة إلا لله وحده ولا يتقى ولا يخشى إلا الله وحده لا الملائك ولا الأنبياء ولا غيرهم كان هذا تحقيقا للتوحيد.
ولم يكن، هذا سبًا لهم ولا تنقصًا بهم ولا عيبًا لهم وإن كان فيه بيان نقص درجتهم عن درجة الربوبية فنقص المخلوق عن الخالق من لوازم كل مخلوق. ويمتنع أن يكون المخلوق مثل الخالق.
والملائكة والأنبياء كلهم عباد الله يعبدونه كما قال تعالى:{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: الآية (١٧٢)].
فإذا نفي عن مخلوق ملك أو نبي أو غيرهما ما كان من خصائص الربوبية وبين أنه عبد الله كان هذا حقا واجب القبول، وكان إثباته إطراء للمخلوق فإن دفعه عن ذلك كان عاصيا بل مشركا.