لأن طاعة الرسول طاعة لله، فمن يطع الرسول فقد أطاع الله، وطاعة الله طاعة للرسول. بخلاف المشيئة، فليست مشيئة أحد من العباد مشيئة لله، ولا مشيئة الله مستلزمة لمشيئة العباد، بل ما شاء الله كان وإن لم يشأ الناس، وما شاء الناس لم يكن إلا أن يشاء الله".
والمعنى: أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين كما قاله جمهور أهل العلم. ومن قال إن الله ومن اتبعك حسبك فقد غلط، ولم يجعل الله وحده حسبه بل جعله وبعض المخلوقين حسبه، وهذا مخالف لسائر آيات القرآن.
وقال تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: الآية (٣٦)]. فهو وحده كاف عبده.
وقال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: الآية (٣)].
فلهذا قال تعالى:{وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} ولم يقل ورسوله ثم قال {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} ولم يقل ورسوله بل جعل الرغبة إلى الله وحده كما قال {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: الآيتان (٧ - ٨)].
فالرغبة تتضمن التوكل وقد أمر أن لا نتوكل إلا عليه كقوله {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا} [المائدة: الآية (٢٣)]. وقوله {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}