للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحسبك والضحاكَ سيف مهند

وتقول العرب: حسبك وزيدًا درهم، أي يكفيك وزيدًا جميعًا درهم. وقال في الخوف والخشية والتقوى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور الآية: ٥٢]، فأثبت الطاعة لله وللرسول، وأثبت الخشية والتقوى لله وحده، كما قال نوح عليه السلام: {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ • أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [هود الآيات: ٢٥ - ٢٦]، فجعل العبادة والتقوى لله وحده، وجعل الطاعة للرسول، فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله.

وقال تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [المائدة الآية: ٤٤]، وقال تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران الآية ١٧٥]، وقال الخليل عليه السلام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام الآية: ٨١]، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ} [الأنعام الآية: ٨٢].

وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: أيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان الآية: ١٣]، وقال تعالى: {وَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة الآية: ٤٠]، {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} البقرة الآية: ٤١].

ومن هذا الباب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في خطبته: «مَنْ يطع الله ورسوله فقد رشد، ومَن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئًا»، وقال: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد». ففي الطاعة قرن اسم الرسول باسمه بحرف «الواو»، وفي المشيئة أمر أن يجعل ذلك بحرف «ثم»، وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>