للمشركين والمقولة المتأخرة للمتصوفة؛ فالمشركين الذين كذَّبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- يَترددون بين البدعة المخالفة لشرع الله وبين الاحتجاج بالقدر على مخالفة أمر الله.
فهنا نَبَّه المصنف على مسألة في غاية الأهمية، وهي أن المقولات قد تكون واحدة؛ ولكن تطبيقاتها تتعدد، فكل قول لأهل الباطل فهو مفند في نص كتاب الله عز وجل ونص كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّ كلَّ ما يَدَّعيه أهل الباطل قديمًا وحديثًا فهو مردود عليه في نصوص الكتاب والسنة.
فعلى العاقل المُتبصر أن يعرف أن مَعين هؤلاء ومعين هؤلاء واحد، ومصدرهم واحد، والرد على هؤلاء من جنس الرد على هؤلاء، وفي كتاب الله عز وجل وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ما يُغنينا، فهؤلاء قد يسمون ما يُحدثوه من البدع حقيقة، كما يسمون ما يشهدون من القَدَر حقيقة، وفي حقيقته إنما هو من جنس ما عند أهل الباطل من أهل الشرك، فالبضاعة واحدة والمصدر واحد، والله لم يُقر المشركين على باطلهم، فكيف يقر هؤلاء؟!
قال شيخ الإسلام رحمه الله:"وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذَّنب باتفاق المسلمين، وسائر أهل الملل وسائر العقلاء؛ فإنَّ هذا لو كان مقبولاً لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النُّفوس وأخذ الأموال وسائر أنواع الفساد في الأرض ويحتج بالقدر"(١)
قال ابن تيمية: "وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ يَظْهَرُ بُطْلَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: