للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أنواع التقدير:

فقد ذكر ابنُ القيِّم أقسامَ التَّقدير الخمسة، وأَوْضَحَها بأدلَّتِها، وهي باختصار:

التقدير الأول: تقدير المَقادير قبل خَلق السَّماوات والأرض، وهو التقدير العام الشَّامل لكل شيءٍ في اللوح المحفوظ، وقد سبق ذِكر بعض الأدلة عليه.

التقدير الثاني: تقدير الرَّبِّ-تبارك وتعالى-شقاوة العِباد وسَعادتهم وأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم قبل خَلْقِهم، وهو تقديرٌ ثَان بعد التقدير الأَوَّل، فعن عِمران بن حُصين قال: «قيل: يا رسول الله، عُلِمَ أهلُ الجَنَّة من أهل النَّار؟ فقال: «نَعَمْ». قيل: فَفِيم يعملُ العاملون؟ قال: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له» (١).

التقدير الثالث: المُتَعَلِّق بالجنين وهو في بطن أُمِّه، وهو تقدير شقاوته وسعادته ورزقه وأجله وعمله؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حَدَّثنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصَّادقُ المَصدوقُ: «إنَّ أحدَكم ليُجمع خَلْقُه في بَطن أُمِّه أربعين يومًا، ثُمَّ يكون في ذلك علقةً مثل ذلك، ثُمَّ يكون في ذلك مُضغةً مثل ذلك، ثُمَّ يُرسل اللهُ إليه المَلك؛ فيَنفخ فيه الرُّوح، ويُؤمر بأربع كلماتٍ؛ بكتبِ رزقِه وأجلِه وعملِه وشقي أو سعيد، فوالذي لا إلهَ غيرُه، إنَّ أحدَكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتَّى ما يكون بينه وبينها إلَّا ذراع فيَسبق عليه الكتابُ فيَعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإنَّ أحدَكم لَيعمل بعمل أهلِ النَّار حتى ما يكون بينه وبينها إلَّا ذِرَاع فيَسبق عليه الكتابُ فيَعمل بعمل أهلِ الجَنَّة فيَدخلها» (٢).

التقدير الرابع: التقدير في ليلة القَدْر؛ قال الله تعالى: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا


(١) أخرجه البخاري (٧٥٥١) ومسلم (٢٦٤٩) واللفظ له.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٠٨) ومسلم (٢٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>