للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعيونهم ويجربونه بأنفسهم بإلغاء أثر القوى الكامنة في الطبيعة فأثبت الجميع وقال للإنسان: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [الإنسان الآية: ٣٠]، أي لا يتحقق لك صنع وعمل باستقلال حتى أشاء أنا (وهو الذي قدر الأشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره وكتبه في اللوح المحفوظ".

فالحوادث:

تضاف إلى خالقها باعتبار. قال تعالى: {كُلٌّ مِّنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء الآية: ٧٨]. وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه وفعل العبد من جملة الحوادث.

وإلى أسبابها باعتبار. كما قال الله تعالى: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [القصص الآية: ١٥]، وقال} وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف الآية: ٦٣].

وأخبر أن العباد يفعلون ويصنعون ويعملون ويؤمنون ويكفرون ويفسقون … وأن العبد فاعل لفعله حقيقة فقولهم: في خلق فعل العبد بإرادته وقدرته كقولهم في خلق سائر الحوادث بأسبابها.

والحاصل أن مذهب السلف ومحققي أهل السنة إن الله تعالى خلق قدرة الإنسان وإرادته وفعله، وأن العبد فاعل لفعله حقيقة ومحدث لفعله والله سبحانه جعله فاعلاً له محدثًا له".

يقول السفاريني: "وأمّا مذهب السلف الصالح المثبتون للقدر من جميع الطوائف فإنهم يقولون: إنَّ العبد فاعلٌ لفعله حقيقةً، وإن له قدرة حقيقة واستطاعة حقيقة، ولا ينكرون تأثيرَ الأسباب الطبيعية، بل يقرّون بما دلَّ عليه الشرع والعقل من أن اللَّه تعالى ينبت النبات بالماء، وأن اللَّه يخلق السحابَ بالرياح وينزل الماء بالسحاب، ولا يقولون: القوى والطبائع الموجودة في المخلوقات لا تأثير لها، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>