للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقرُّون بأنَّ لها أثرًا لفظًا ومعنى، ولكن يقولون: هذا التأثير هو تأثيرُ الأسباب في مسبّباتها، واللَّه تعالى خالق السبب والمسبب" (١).

فقول أهل السنة والجماعة يقوم على أنه لا بد للإنسان أن يقوم بأسباب العمل

سواءً كان ذلك في الأمور الدنيوية أو الدينية.

ففي الأمور الدنيوية: يعلم الإنسان أنه من غير الممكن أن يترك الأسباب ويحصِّل نتائجها، ومن فعل ذلك سخر الناس منه واستهزئوا به؛ كمن يُريد الولد بلا زواج، وكمن يريد المال بدون عمل، وفرق كبير بين التوكل والتواكل؛ فالتواكل يكون بترك الأخذ بالأسباب. وهو مذموم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومِمَّا يَنبغي أن يُعلم: ما قاله طائفة من العلماء؛ قالوا: الالتفات إلى الأسباب شِرك في التوحيد. ومحوُ الأسباب أن تكون أسبابًا- نقصٌ في العقل. والإعراضُ عن الأسباب بالكلية قَدْحٌ في الشَّرع. وإنَّما التوكل والرجاء معنى يتألف من موجب التوحيد والعقل والشرع" (٢)

وفي الأمور الدينية: لابد للإنسان أن يقوم بأسباب العمل الصالح؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد ركَّب في الإنسان من المشيئة والإرادة ما هو تَبَع لمشيئته وإرادته جلَّ وعلا، لكن الإنسان يُختبر بهذه الأسباب، فلا يجوز له تعطيلها بأي حال من الأحوال.

وعلى العبد أن يأخذ بالأسباب الشرعية التي شرعها الله سبحانه وتعالى؛ لكي ينال ما كتبه الله عليه في أمر القَدَر، وقد يناله وقد لا يناله، لكنه مُطالب بأن يأخذ بهذه الأسباب التي أرادها الله سبحانه وتعالى.

فإنَّ مِنْ خَلْقِ الله تعالى أن ركَّب للأمور أسبابًا، ومِن خلق الله عز وجل أن جعل للعبد


(١) لوائح الأنوار السنية (٢/ ١٤٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٨/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>