للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَعَانُ. وَالْعِبَادَةُ تَجْمَعُ كَمَالَ الْحُبِّ مَعَ كَمَالِ الذُّلِّ. فَهُمْ يُحِبُّونَهُ أَعْظَمَ مِمَّا يُحِبُّ كُلُّ مُحِبٍّ مَحْبُوبَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة الآية: ١٦٥]، وَكُلُّ مَا يُحِبُّونَهُ سِوَاهُ فَإِنَّمَا يُحِبُّونَهُ لِأَجْلِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ: وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ)) وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ ((أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ وَمَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ)). وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَكَمَالُ الْحُبِّ هُوَ الْخِلَّةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ. فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. وَاسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ ((إنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)) وَقَالَ ((لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ)) يَعْنِي نَفْسَهُ وَلِهَذَا اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ يُحَبُّ وَيُحِبُّ" (١).

وقال أيضًا في بيان المقصود بلفظ التأثير: "وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ التَّأْثِيرَ إذَا فُسِّرَ بِوُجُودِ شَرْطِ الْحَادِثِ أَوْ سَبَبٍ يَتَوَقَّفُ حُدُوثُ الْحَادِثِ بِهِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعَ-وَكُلُّ ذَلِكَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى-فَهَذَا حَقٌّ وَتَأْثِيرُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فِي مَقْدُورِهَا ثَابِتٌ بِهَذَا


(١) مجموع الفتاوى ٨/ ١٣٧ - ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>