للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاعْتِبَارِ.

وَإِنْ فُسِّرَ التَّأْثِيرُ بِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ مُسْتَقِلٌّ بِالْأَثَرِ مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ مُعَاوِنٍ وَلَا مُعَاوِقٍ مَانِعٍ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ مُؤَثِّرًا بَلْ اللَّهُ وَحْدَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نِدَّ لَهُ فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر الآية: ٢]، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ الآية: ٢٢]، قال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ الآية: ٢٣ [قال تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر الآية: ٣٨]، وَنَظَائِرُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ.

فَإِذَا عُرِفَ مَا فِي لَفْظِ " التَّأْثِيرِ " مِنْ الْإِجْمَالِ وَالِاشْتِرَاكِ ارْتَفَعَتْ الشُّبْهَةُ وَعُرِفَ الْعَدْلُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ.

فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ سَوَاءٌ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِيمَانِ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَمْ يَخُصَّهُ اللَّهُ بِقُدْرَةِ وَلَا إرَادَةٍ آمَنَ بِهَا وَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا فَعَلَ لَمْ تَحْدُثْ لَهُ مَعُونَةٌ مِنْ اللَّهِ وَإِرَادَةٌ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ الْفِعْلِ: فَقَوْلُهُ مَعْلُومُ الْفَسَادِ. وَقِيلَ لِهَؤُلَاءِ: فِعْلُ الْعَبْدِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَوَادِثِ وَالْمُمْكِنَاتِ فَكُلُّ مَا بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْدَثَ غَيْرَهُ يَعْلَمُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ أَحْدَثَهُ. فَكَوْنُ الْعَبْدِ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ أَمْرٌ مُمْكِنٌ حَادِثٌ فَإِنْ أَمْكَنَ صُدُورُ هَذَا الْمُمْكِنِ الْحَادِثِ بِدُونِ مُحْدِثٍ وَاجِبٍ يُحْدِثُهُ وَيُرَجِّحُ وُجُودَهُ عَلَى عَدَمِهِ أَمْكَنَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَانْتَقَضَ دَلِيلُ إثْبَاتِ الصَّانِعِ" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَإِذَا فُسِّرَ التَّأْثِيرُ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِرَانِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفَارِقُ فِي الْمَحَلِّ أَوْ خَارِجًا عَنْ الْمَحَلِّ.

وَأَيْضًا قَالَ لَهُمْ الْمُنَازِعُونَ: مِنْ الْمُسْتَقِرِّ فِي فِطَرِ النَّاسِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْعَدْلَ فَهُوَ عَادِلٌ وَمَنْ فَعَلَ الظُّلْمَ فَهُوَ ظَالِمٌ وَمَنْ


(١) مجموع الفتاوى ٨/ ١٣٤ - ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>