للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

قبل الخوض في شرح هذه العبارة يحسن التطرق لقول الفلاسفة في معنى الواحد عندهم فأقول موضحا

يقول ابن سينا: "إن واجب الوجود بذاته واحد بسيط لا تكثر فيه بوجه من الوجوه، فهو ليس بجسم، ولا صورة جسم، ولا مادة معقولة لصورة معقولة، ولا صورة معقولة في مادة معقولة، ولا له قسمة في الكلم ولا في المبادئ المقومة له، ولا في قول الشارح ولا غير ذلك مما ينافي وحدة واجب الوجود وبساطته المطلقة" (١).

والمتأمل لهذه العبارات التي أوردها ابن سينا يعرف أنها إنما هي مجرد اصطلاحات اصطلحها هو وأمثاله من الفلاسفة الذين تأثروا بفلسفة اليونان، فجعلوا من تلك العبارات المبتدعة ما أسموه بالتوحيد، وادعوا أن ما تضمنته هو التنزيه، مع أنها في الحقيقة متضمنة لنفي جميع الصفات بما فيها العلو والاستواء.

فقوله: "إن واجب الوجود بذاته واحد بسيط لا تكثر فيه بوجه من الوجوه" يعني به أنه ليس لله تعالى صفة ولا قدر، لأن ذلك على رأيه يستلزم التجسيم والتجزئة والتركيب فيلزم نفيه، لأنه يلزم من ذلك الحدوث والافتقار وذلك ينافي واجب الوجود.

فابن سينا وأمثاله من الفلاسفة يعتمدون في نفي الصفات على حجة التركيب والتي هي: "أنه لو كان له صفة لكان مركباً، والمركب يفتقر إلى جزئيه، وجزؤه غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجباً بنفسه" وهم بهذا الكلام تجدهم قد نفوا صفات الباري جميعها.


(١) النجاة لابن سينا (ص ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>