للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ.

فَقَالُوا: إِنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي يَتَحَرَّكُ الْفَلَكُ لِأَجْلِهَا عِلَّةٌ لَهُ تُحَرِّكُهُ كَمَا تَحَرَّكَ الْعَاشِقُ لِلْمَعْشُوقِ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَهَى طَعَامًا، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ أَوْ رَأَى مَنْ يُحِبُّهُ، فَسَعَى إِلَيْهِ فَذَاكَ الْمَحْبُوبُ هُوَ الْمُحَرِّكُ؛ لِكَوْنِ الْمُتَحَرِّكِ أَحَبَّهُ، لَا لِكَوْنِهِ أَبْدَعَ الْحَرَكَةَ وَلَا فَعَلَهَا. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَثْبَتُوا لِحَرَكَةِ الْفَلَكِ مُحْدِثًا أَحْدَثَهَا" (١).

قال ابن القيم حاكيًا قول الفلاسفة: "فطائفة جعلت الموجب لذلك مجرد ما رأوه علة وسببا من الحركات الفلكية والقوى الطبيعية والنفوس والعقول فليس عندهم لذلك فاعل مختار مريد" (٢).

المتن

قال المصنف رحمه الله تعالى: "وذلك أنه ما من سبب من الأسباب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسببه، ولا بدّ له من مانع يمنع مقتضاه إذا لم يدفعه الله عنه، فليس في الوجود شيء واحد يستقل بفعل شيء إلا الله وحده، قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات الآية: ٤٩]، أي: فتعلمون أن خالق الأزواج واحد.

ولهذا من قال: إن الله لا يصدر عنه إلا واحد؛ لأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد- كان جاهلا، فإنه ليس في الوجود واحد صدر عنه وحده شيء، لا واحد ولا اثنان، إلا الله الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون"


(١) منهاج السنة النبوية ٣/ ٢٨٢ - ٢٨٥.
(٢) شفاء العليل ١/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>