للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب تنزيهه عنها، وهي من صفات خلقه" (١)

فقد حكي الله عنهم ذلك في كتابه، كقوله -تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: ٦٤].

، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: ١٨١]، وقوله رداً على وصفه سبحانه بالتعب: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ} [ق الآية: ٣٨].

وأول ظهوره في هذه الأمة على يد الرافضة الغلاة. قال البغدادي -رحمه الله-: "وأول ظهور التشبيه صادر عن أصناف من الروافض الغلاة" (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "أول من قال: إن الله جسم هشام بن الحكم الرافضي (٣) " (٤).

ولعل سبب ظهور مقالة التمثيل راجع إلى أمرين:

الأمر الأول: مضاهاة أهل الكتاب -وخاصة اليهود-في مقالاتهم؛ حيث إن الإسرائيليات طافحة بتمثيل الباريء سبحانه بالمخلوقين، كما أن اليهود والنصارى ضاهوا الرومان والإغريق والهنود وغيرهم في عقائدهم. قال -تعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة:


(١) مجموع الفتاوي ١٠/ ٥٥.
(٢) الفرق بين الفرق ٣٢٥.
(٣) هشام بن الحكم الكوفي الرافضي، المشبه المعثر، وله نظر وجدل وتواليف كثيرة قال في مختلف الحديث: كان من الغلاة ويقول بالجبر الشديد، وذكر عنه ابن حزم أنه يزعم أن ربه طوله سبعة أشبار بشبر نفسه، ويزعم أن علم الله محدث. مات بعد نكبة البرامكة بمديدة مستتراً وقيل عاش إلى خلافة المأمون. لسان الميزان ٦/ ١٩٤.
(٤) الفتاوي ٣/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>