للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية: ٣٠].

فاليهود وقعوا في تمثيل الخالق بالمخلوق، والنصارى وقعوا في تمثيل المخلوق بالخالق. وكذلك جرى في هذه الأمة -كما سيأتي عند ذكر فرق الممثلة - قال صلى الله عليه وسلم: ((لتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب تبعتموهم، قلنا: با رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!)) (١).

الأمر الثاني: مقابلة التعطيل بضده، فقد ظهر مذهب التعطيل فقوبل بالتمثيل، وإلى هذا المعني بشير الذهبي -رحمه الله-بقوله: (وظهر بخراسان: الجهم بن صفوان، ودعا إلى تعطيل الرب عز وجل وخلق القرآن، وظهر بخراسان في قبالته مقاتل بن سليمان المفسر، وبالغ في إثبات الصفات حتى جسم) (٢).

قال ابن رجب الحنبلي: "وأما ما أحدث بعد الصحابة من العلوم التي توسع فيها أهلها وسموها علوما وظنوا أن من لم يكن عالماً بها فهو جاهل أو ضال فكلها بدعة وهي من محدثات الأمور المنهي عنها. فمن ذلك ما أحدثته المعتزلة من الكلام في القدر وضرب الأمثال للَّه". (٣)

إلى أن قال رحمه الله: "وينقسم هؤلاء إلى قسمين:

أحدهما: من نفى كثيراً مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك لاستلزامه عنده للتشبيه بالمخلوقين كقول المعتزلة لو رؤي لكان جسما لأنه لا يرى إلا في جهة: وقولهم لو كان له كلام يسمع لكان جسما ووافقهم من نفى الاستواء فنفوه لهذه الشبهة: وهذا طريق المعتزلة والجهمية وقد اتفق السلف على تبديعهم


(١) رواه البخاري: كتاب الاعتصام ٨/ ١٥١، ورواه مسلم، كتاب العلم ٦.
(٢) تذكرة الحفاظ ١٥٩، ١٦٠.
(٣) بيان فضل علم السلف على علم الخلف ص ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>