للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} [الروم الآية: ٣٠]» (١)

وعلى العبد ألا يخلط بين (الإرادة الكونية القدريَّة) وبين (الإرادة الدِّينية الشرعية).

فالإرادة الكونية القدريَّة: هي ما يقع في الكون بقدر الله وتدبيره. ويشترك في شهودها البَر والفاجر.

وأمَّا الإرادة الدِّينية الشرعية: فهي ما شرعه وأمر به سبحانه، ورضيه وأحبَّه من عباده.

وعدم التفريق بين هذين النوعين جَرَّ طوائف إلى الوقوع في أنواع الإلحاد والكفر؛ يقول شيخ الإسلام رحمه الله هنا: «فَمن وَقف عِنْد هَذِه الْحَقِيقَة وَعند شهودها، وَلم يقم بِمَا أَمر الله بِهِ مِنْ الحَقِيقَة الدِّينِيَّة الَّتِي هِيَ عِبَادَته الْمُتَعَلّقَة بألوهيته وَطَاعَة أمره وَأمر رَسُوله، كَانَ من جنس إِبْلِيس وَأهل النَّار.

فَإِنْ ظَنَّ مَعَ ذَلِك: أَنَّه من خَواص أَوْلِيَاء الله وَأهل الْمعرفَة وَالتَّحْقِيق، الَّذين سَقط عَنْهُم الْأَمر وَالنَّهي الشَّرعيان، كَانَ مِنْ أشر أهل الكفر والإلحاد».

فبعضُ الصوفية وبعضُ أهل الكلام قد فَسَّروا (لا إله إلا الله) بأنه لا خالق إلا الله.

ويزعمُ أحدهم أن الخضر سقط عنه التكليف؛ لشهوده الإرادة، ويفرقون بين العامة والخاصة، وخلاصة قولهم: أنهم يرون أن العامة هم الذين لم يشهدوا الحقيقة الكونية شهودًا كافيًا، وأن الخاصة هم الذين شهدوا الحقيقة الكونية شهودًا كافيًا.

ووصفهم للمسلمين بأنهم (العامة) وصف انتقاص؛ لأنهم يقولون: إنهم الذين


(١) «شرح العقيدة الطحاوية» (ص ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>