لم يصلوا إلى شهود الحقيقة الكونية، وهي- عندهم- أن يعلم أن الإنسان لا صفات له ولا أفعال له، وإنما الفاعل على الحقيقة هو الله، وأنه عبارة عن محل لفعل الله؛ مثل الإناء عندما يكون محلًّا للماء، وكالريشة التي يحركها الهواء، يعني: ليس فاعلًا فعلًا اختياريًّا، وإنما الله عز وجل هو الذي يحركه، والإنسان مسلوب الإرادة، مجبور على فعله.
ويترتب على هذا القول: أن القول الذي يقوله الإنسانُ ليس قولَه؛ بل هو قولُ الله، وأنَّ الفعل الذي يقوم به الإنسان ليس فعلَه، وإنما هو فعلُ الله.
ويترتب على هذا أيضًا: أنه بسبب شهوده لهذه الحقيقة تَسقط عنه التكاليف؛ لأنه لا فِعل له؛ فالتكليف يحصل عندما يكون للإنسان فِعل، ثم يحاسب على هذا الفعل، ولكن إذا لم يكن له فعل؛ فكيف يحاسب عليه؟ وكيف يجازى على فعله مع أنه ليس هو فاعله حقيقة؟ وإنما الفعل الذي فيه هو فِعل الله؛ لذلك أسقطوا التكاليف الشرعية.