للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنكر وَجِهَاد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ بِالْقَلْبِ وَالْيَد وَاللِّسَان فَمن لم يشْهد هَذِه الْحَقِيقَة الدِّينِيَّة الفارقة بَين هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَيكون مَعَ أهل الْحَقِيقَة الدِّينِيَّة وَإِلَّا فَهُوَ من جنس الْمُشْركين وَهُوَ شَرّ من الْيَهُود وَالنَّصَارَى.

فَإِنْ الْمُشْركين يقرونَ بِالْحَقِيقَةِ الكونية إِذْ هم يقرونَ بِأَنْ الله رب كل شَيْء كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلتهمْ من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر ليَقُولن الله} [العنكبوت الآية: ٦١].

وَقَالَ تَعَالَى: {قل لمن الأَرْض وَمن فِيهَا إِنْ كُنْتُم تعلمُونَ سيقولون لله قل أَفلا تذكرُونَ قل من رب السَّمَاوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم سيقولون لله قل أَفلا تَتَّقُون قل من بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَهُوَ يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُم تعلمُونَ سيقولون لله قل فَأنى تسحرون} [المؤمنون: ٨٤ - ٨٩] ..

وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} [يوسف الآية: ١٠٦]

قَالَ بعض السّلف: تَسْأَلهُمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَيَقُولُونَ الله وهم مَعَ هَذَا يعْبدُونَ غَيره

فَمن أقرّ بِالْقضَاءِ وَالْقدر دون الْأَمر وَالنَّهْي الشرعيين فَهُوَ أكفر من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَإِنْ أُولَئِكَ يقرونَ بِالْمَلَائِكَةِ وَالرسل الَّذين جاؤوا بِالْأَمر وَالنَّهْي الشرعيين لَكِن آمنُوا بِبَعْض وَكَفرُوا بِبَعْض كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنْ الَّذين يكفرون بِاللَّه وَرُسُله ويريدون أَنْ يفرقُوا بَين الله وَرُسُله وَيَقُولُونَ نؤمن بِبَعْض ونكفر بِبَعْض ويريدون أَنْ يتخذوا بَين ذَلِك سَبِيلا أُولَئِكَ هم الْكَافِرُونَ حَقًا} [النساء الآيتان: (١٥٠، ١٥١)].

وَأما الَّذِي يشْهد الْحَقِيقَة الكونية وتوحيد الربوبية الشَّامِل للخليقة ويقر أَنْ الْعباد كلهم تَحت الْقَضَاء وَالْقدر ويسلك هَذِه الْحَقِيقَة فَلَا يفرق بَين الْمُؤمنِينَ والمتقين الَّذين أطاعوا أَمر الله الَّذِي بعث بِهِ رسله وَبَين من عصى الله وَرَسُوله من الْكفَّار والفجار فَهَؤُلَاءِ أكفر من الْيَهُود وَالنَّصَارَى.

لَكِن من النَّاس من قد لمحوا الْفرق فِي بعض الْأُمُور دون بعض بِحَيْثُ يفرق بَين الْمُؤمن وَالْكَافِر وَلَا يفرق بَين الْبر والفاجر

<<  <  ج: ص:  >  >>