للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جمع الله بين هذه الشروط الثلاثة في آية واحدة؛ فقال تعالى: {ومَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ وهُو مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا واتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء الآية: ١٢٥].

وبيان ذلك:

الشرط الأول: الإخلاص، ودليله: قوله تعالى: {أَسْلَمَ وجْهَهُ للهِ … } [النساء الآية: ١٢٥] الآية.

والشرط الثاني: المتابعة، ودليلها: قوله سبحانه: {وهُو مُحْسِنٌ} [النساء الآية: ١٢٥]، والمحسن: هو ما كان عمله وَفْق ما جاء عن اللهِ وعن رسولِه -صلى الله عليه وسلم-.

الشرط الثالث: صحَّة المعتقَد، ودليله قوله جل جلاله: {واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا … } [النساء الآية: ١٢٥] الآية.

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: "أي: لا أحدَ أحسن من دينِ مَنْ جَمَع بين الإخلاص للمعبود، وهو إسلام الوجه لله، الدَّال على استسلام القلب وتوجُّهه وإنابته وإخلاصه، وتوجُّه الوجه وسائر الأعضاء لله. {وهو} [النساء الآية: ١٢٥] مع هذا الإخلاص والاستسلام {مُحسِن} [النساء الآية: ١٢٥] أي: مُتَّبِع لشريعة الله التي أَرسل الله بها رُسله، وأنزل بها كتُبه، وجعلها طريقًا لخواص خلقه وأتباعه.

{واتبع ملة إبراهيم} [النساء الآية: ١٢٥] أي: دينه وشرعه.

{حنيفًا} [النساء الآية: ١٢٥] أي: مائلًا عن الشرك إلى التوحيد وعن التوجُّه للخلق، إلى الإقبال على الخالق" (١).

فلا بدَّ من توفُّر هذه الشروط في العبادة حتى تكون صالحةً مقبولةً عند الله عزَّ وجل.


(١) «تفسير السعدي» المسمى: «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» (ص ٢٠٦)، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، ١٤٢٠ هـ- ٢٠٠٠ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>