للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث: مَنْ هُو مُخْلِصٌ فِي أَعْمَالِهِ، لَكِنَّهَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ الأَمْرِ:

بعض الناس يَظهر عليه الإخلاص في عمله، لكنه يفعل أمورًا مخالفةً للشرع؛ كمن يَظُنُّ أَنَّ مُواصَلَةَ صَوْمِ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ قُرْبَةٌ، وأَنَّ صِيَامَ يَوْمِ فِطْرِ النَّاسِ قُرْبَةٌ، وأَمْثَالِ ذَلِكَ، وقد جاء الشرعُ بالنَّهي عن مواصلة الصوم؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الوِصَالِ؛ قَالُوا: إنَّكَ تُواصِلُ. قَالَ: «إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أُطْعَمَ وأُسْقَى» (١).

وأمَّا صيام يوم العيد؛ فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نَهى عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويوم الفِطر)) (٢).

ومن هذا الباب ما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: «جاء ثلاثةُ رهط إلى بيوتِ أزواج النَّبي، يَسألون عن عبادة النَّبي، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، وقالوا: أين نحن من النَّبي؛ قد غُفر له تقَدَّم مِنْ ذَنبه وما تأخَّر؟! قال أحدهم: أمَّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: وأنا أصوم الدَّهر ولا أُفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النِّساء فلا أَتزوج أبدًا. فجاء رسولُ الله إليهم؛ فقال: «أنتم الَّذِين قُلتم كذا وكذا؟! أَمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكِّني أصومُ وأُفطر، وأُصَلِّي وأَرقد، وأتزوج النِّساء؛ فمَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مني» (٣).

القسم الرابع: مَنْ أَعْمَالُهُ عَلَى مُتَابَعَةِ الأَمْرِ، لَكِنَّهَا لِغَيْرِ اللَّهِ:

كَطَاعَةِ المُرَائِينَ، وكَالرَّجُلِ يُقَاتِلُ رِيَاءً وحَمِيَّةً وشَجَاعَةً، ويَحُجُّ لِيُقَالَ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ لِيُقَالَ؛ فَهَؤُلَاءِ أَعْمَالُهُمْ ظَاهِرُهَا أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا، لَكِنَّهَا غَيْرُ صَالِحَةٍ، فَلَا تُقْبَلُ؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {ومَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة الآية: ٥]؛ فَكُلُّ أَحَدٍ لَمْ يُؤْمَرْ إِلَّا بِعِبَادَةِ اللهِ


(١) أخرجه مسلم (١١٠٢).
(٢) أخرجه مسلم (١١٣٨).
(٣) أخرجه البخاري (٥٠٦٣) واللفظ له، ومسلم (١٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>