للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم في مسائل الصفات وفي بعض المسائل على عقيدة الاعتزال، يدعون إليها بنفس الكلام الذي يقوله المعتزلة. وللاعتزال كذلك صلة بالتشيُّع لأن المعتزلة لو درسْت في تاريخهم، يزعمون أن واصل بن عطاء تتلمذ على الحسن والحسين ابني عليٍّ رضي الله عنهم، يزعمون ذلك، يدَّعون ذلك.

وبالتالي بعد هذا كان هناك تقارب بين المعتزلة والروافض، ولذلك الروافض اليوم الإمامية الاثنا عشرية، والزيدية في مسائل الأسماء والصفات يحملون فكر الاعتزال، فلو جئت إلى الزيدية، ولو جئت إلى الروافض تناقشهم في مسائل الصفات تجد أن ما عندهم هو ما عند المعتزلة.

وأما التصوف فكان أول ظهوره في البصرة، وكان ممن اشته فيها طلق بن حبيب العنزي، وعطاء السلمي الذي بكى حتى عمش (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثة أشياء: الرأي، والكلام، والتصوف، فكان جمهور الرأي في الكوفة، وكان جمهور الكلام والتصوف في البصرة، فإنه بعد موت الحسن وابن سيرين ظهر عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء، وظهر أحمد بن عطاء الهجيمي ت ٢٠٠ هـ، تلميذ عبد الواحد بن زيد تلميذ الحسن البصري، وكان له كلام في القدر، وبنى دويرة للصوفية ـ وهي أول ما بني في الإسلام ـ أي داراً بالبصرة غير المساجد للالتقاء على الذكر والسماع ـ صار لهم حال من السماع والصوت ـ إشارة إلى الغناء. وكان أهل المدينة أقرب من هؤلاء في القول والعمل، وَأَمَّا " الشَّامِيُّونَ فَكَانَ غَالِبُهُمْ مُجَاهِدِينَ وَأَهْلَ أَعْمَالٍ قَلْبِيَّةٍ أَقْرَبَ إلَى الْحَالِ الْمَشْرُوعِ مِنْ صُوفِيَّةِ الْبَصْرِيِّينَ إذْ ذَاكَ. وَلِهَذَا تَجِدُ كُتُبَ "الْكَلَامِ؛ وَالتَّصَوُّفِ" إنَّمَا


(١) ((سير أعلام النبلاء)) الذهبي (١٤/ ٦٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>