وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن نقول في صلاتنا:{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ • صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة الآيات: ٦ - ٧ [قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون))، وذلك أن اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه، والنصارى عبدوا الله بغير علم.
ولهذا كان يقال: تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون. وقال تعالى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه الآية: ١٢٣]، قال ابن عباس رضي الله عنهما:"تكفّل الله لمن قرأ القرآن، وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة"، وقرأ هذه الآية.
وكذلك قوله تبارك وتعالى:{الم • ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ • الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ • والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ • أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[البقرة الآية: ١ إلى ٤]، فأخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء مهتدون مفلحون، وذلك خلاف المغضوب عليهم والضالين.
فنسأل الله العظيم أن يهدينا وسائر إخواننا صراطه المستقيم: صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين".
الشرح
شرع المصنف هنا في ذكر خاتمة هذا الكتاب في بيان فضل التمسك بما كان عليه السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم، ومن اتبعهم بإحسان.