فأهل السنة يتميزون باعتقادهم أن الصحابةَ-رضوان الله عليهم-لم يكن أحدٌ منهم على بدعة.
وما عُرفوا بذلك برغمِ ظهورِ بعض الفرقِ في زمانهم كالخوارجِ والقَدَرِيَة والشيعةِ ونحو ذلك، ومع ذلك ما عُرِفَ عن أحدٍ من أصحاب النبي أنه قد حادَ عن هذا الطريق.
ونؤمنُ بأن أصحابَ النبي كما وصفهم ابن مسعود حينما قال:"من كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة"، وكما أُثِر عنه حيث قال:"إنا نقتدي ولا نبتدئ، ونتبعُ ولا نبتدع (١). "
فأصحابُ النبي خيرُ هذه الأمة، والله تعالى قد زكَّاهم في كتابه وأمرَ بلزومِ سبيلهم حيث قال:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة الآية: ١٠٠]، فرضيَ الله عن السابقين من المهاجرين والأنصار رضاءً مطلقا بدونِ قيد، ورضيَ عنهم بعدهم رضاءً مقيَّداً .. مقيَّداً بأي أمر؟ باتباعهم بإحسان {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ}.
نهى عن الافتراقِ عن هذا الطريقِ وهذا السبيل، والمعالم بحمد لله تعالى واضحة، مرجعيةٌ استقامَ عليها الأوائل وحفظوها لنا بأسانيدها الصحيحةِ الثابتة ونقلوها لنا، وأصبحت-بحمد الله تعالى-ميراثاً سليماً من كل بدعةٍ ومن كل شائبة يتوارثه أهل السنَّةِ جيلاً بعدَ جيل، وينقله الخيارُ من هذه الأمة، ينقله ورثةُ الأنبياء
(١) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (١/ ٩٦)