للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعطِّلة: كذَّبوا بقوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وبكل نصوص إثبات الصفات لله -عز وجل- على الوجه اللائق به سبحانه.

أمَّا أهل التعطيل: فإنَّهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات التي لا وجود لها إلا في أفهامهم الفاسدة.

فعقيدة هؤلاء المعطلة جمعت بين التمثيل والتعطيل، وهذا الشر إنَّما جاء من تنجس قلوبهم وتدنسها بأقذار التشبيه، فإذا سمعوا صفة من صفات الكمال التي أثنى الله بها على نفسه؛ كاستوائه على عرشه ومجيئه يوم القيامة وغير ذلك من صفات الجلال والكمال.

فإن أول ما يخطر في أذهانهم أن هذه الصفة تشبه صفات الخلق؛ فيتلطخ القلب بأقذار التشبيه؛ فلم يقدر الله حقَّ قدره، ولم يُعَظِّم الله حقَّ عظمته؛ حيث سبق إلى ذهنه أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فيكون أولاً نجَّس القلب بأقذار التشبيه، ثم دعاه ذلك إلى أن ينفي صفة الخالق جلَّ وعلا عنه بادِّعاء أنها تشبه صفات المخلوق، فيكون فيها أولاً مشبهًا، وثانيًا معطلاً ضالًّا ابتداءً وانتهاءً متهجمًا على ربِّ العالمين يَنفي صفاته عنه بادعاء أن تلك الصفة لا تليق (١).

وأمَّا عقيدة أهل التمثيل: فهي تقوم على دعواهم أن الله عز وجل لا يخاطبنا إلا بما نَعقل، فإذا أخبرنا عن اليد فنحن لا نعقل إلا هذه اليد الجارحة؛ فشَبَّهوا صفات الخالق بصفات المخلوقين، فقالوا: له يد كيدي، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

فالمشبهة تعمقوا في شأن كيفيات صفات الله وتَقَوَّلوا على الله بغير علم، فقالوا: له بصرٌ كبصري، ويدٌ كيدي، وقَدَمٌ كقدمي، تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.

وكل مَنْ تجرأ على شيء من ذلك فقوله من الغُلو في الدين والافتراء على الله


(١) انظر: «منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات» (ص ١٩، ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>