للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إنكاره لصفات الخالق، ولا شك أن جحود صفاته مستلزم لجحود ذاته (١)

فأراد الجعد بذلك هدم الأصل الأول من أصلي الدين الذي هو "الإيمان بالله"

فالجعد وأمثاله لا يؤمنون بوجود حقيقي لله تعالى، ويجعلون وجود الله أمرًا مقدرًا في الذهن والخيال لا حقيقة له في الخارج، فلذلك هم لا يصفونه بصفة ثبوتية، ويقتصرون على وصفه بالصفات السلبية أو الإضافية أو المركبة منهما.

والجعد أول من أحدث ذلك في الإسلام، وقد كان أسبق من الجهم ابن صفوان، ولكن الجهم كان له في هذه البدعة مزية المبالغة في النفي وكثرة إظهار ذلك والدعوة إليه ولذلك اشتهر نسبة هذه المقالة إليه (٢)

فقيل مقالة الجهمية، ولم يقل مقالة الجعدية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهاتان الصفتان -أي كلامه ورضاه الذي يتضمن محبته ومشيئته-هما اللتان أنكرهما الجعد بن درهم أول الجهمية، لما زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، إذ لا محبة له ولا رضا؛ ولم يكلم موسى تكليما) (٣)

٢ - إنكاره أن الله يتكلم حقيقة، وهذا إنكار لحقيقة الرسالة. (٤)

فالصابئة المتفلسفة شيوخ الجعد لا يثبتون وجود الله على الحقيقة فضلاً أن يثبتوا له صفة الكلام، ولذلك هم يقولون: (إن الله ليس له كلام في الحقيقة، وإن كلام الله اسم لما يفيض على قلب النبي من "العقل الفعال" أو غيره. و"ملائكة الله" اسم لما يتشكل في نفسه من الصور النورانية ولهذا يقول هؤلاء إن خاصية النبي


(١) مجموع الفتاوى ١٢/ ٣٥١.
(٢) لوامع الأنوار البهية ١/ ١٦٣، ١٦٤ "بتصرف"
(٣) الاستقامة ١/ ٢١٥.
(٤) مجموع الفتاوى ١٢/ ٣٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>