للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصورت الباطل وطلبته، وأرادته ولا بد" (١).

وتأمل قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢)}] الحاقة: ٤٠ - ٤١ - ٤٢ [

وقوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)}] الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٢ - ٢٢٣ [.

والسؤال: لماذا جمع بين الشاعر والكاهن في السورتين؟

الجواب: جمع بينهما لأن كلًّا منهما يؤثر على العلم والإرادة، فالشاعر يؤثر على الجانب العملي في القلب، الذي هو الإرادة، فيلهب المشاعر، ويحرك القلوب، وأما الكاهن فإنه يؤثر على الجانب العلمي فيتلاعب بالحقائق العلمية.

والخلاصة: أن الإنسان فيه قوتان: قوة العلم والفكر والنظر، وقوة الإرادة والعمل، ولذلك قال أهل السنة: الإيمان قول وعمل، فيقصدون بالقول: العلم، وقول القلب هو التصديق الذي هو العلم بالله تعالى وشرعه.

والإسلام منهج كامل يحوي جانب العلم وجانب العمل، فإذا صلح القلب الذي هو الباطن فلا بد أن يصلح الظاهر، فما الذي يجعل شخصًا يمر على الأغاني فيحبها ويطرب لها، ويمر عليها آخر فيبغضها ويتضجر منها؟

إن الفرق هو ما اشتمل عليه قلب كل منهما من العلم والعمل.

ومن النصوص الدالة على وجود هاتين القوتين:

قول الله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: ٢].

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ««اللهم إني أستهديك لأرشد أموري وأعود بك من شر


(١) إغاثة اللهفان (١/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>