للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• فطائفة قالت: إن هذه الأسماء والصفات هي مجاز في حق الخالق، حقيقة في حق المخلوق.

وهذا قول غلاة المعطلة من فلاسفة باطنيين وجهمية وغيرهم، وقولهم هذا يعني أن هذه الأسماء والصفات المتواطئة هي أتم وأكمل عند المخلوق منفية عن الخالق سبحانه وهي بالنسبة له جل جلاله مجرد تمثيل وتقريب لما هو حقيقة في العبد.

• وطائفة قالت: هي حقيقة في الخالق، مجاز في المخلوق.

وهذا قول أبي العباس الناشئ (١) ومن وافقه " وهو قول باطل فإنه يلزمهم صحة نفي هذه الأسماء عن المخلوق مع أنها حقيقة فيه، ويلزمهم التناقض أيضا، فإنهم إن أثبتوا للرب تعالى حقائقها المفهومة منها امتنع أن تكون مجازا في المخلوق، لأن المعنى الذي كانت به حقيقة في الغائب موجود في الشاهد وإن كان غير مماثل، وإن أثبتوها على غير حقائقها المفهومة، وجعلوا معناها ما تأولوها قلبوا الحقائق وعكسوا اللغة وجعلوا المجاز حقيقة، والحقيقة مجازا (٢).

• وطائفة ثالثة قالت: إن هذه الأسماء والصفات هي حقيقة في الخالق والمخلوق.

وهذا القول هو قول جمهور الطوائف.

وعلاقة هذه المسألة بمسألة القدر المشترك أنه إذا تأملنا في قول الطائفة الثالثة وهو القول الصواب، نجد أن القائلين اختلفوا في كيفية الجمع بين قولهم هذا بإطلاقه


(١) أبو العباس عبد الله بن محمد المعتزلي، كان متكلما، وعالماً في عدة فنون، كان به ولع بمناقضة الأقوال وإحداث أقوال خاصة به. توفي عام ٢٩٣ هـ. انظر: الأعلام: ٤/ ١١٨.
(٢) دلالة الأسماء الحسنى على التنزيه: ص: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>