ج-الذين ينفون الأسماء والصفات، فإنهم بزعمهم ينفون ذلك حتى لا يشبهوا الله بالموجودات.
فيقال لهم: نفيتم علمه وحياته كما نفيتم أنه عليم حي خشية أن تشبهوه بالموجودات، ولكن يلزم قولكم هذا تشبيه الله بالمعدومات.
وهذا الرد قد استعمله أئمة قبل شيخ الإسلام ابن تيمية ومن بعده.
فمن المتقدمين:
قال الإمام يحيى ابن أبي الخير العِمراني شيخ الشافعيين باليمن المتوفى عام:(٥٥٨ هـ):
"ويقال للأشعري: قد أقررتَ بأن لله سمعًا وبصرًا وعلمًا وقدرة وحياة وكلامًا، لتنفي عنه ضد هذه الصفات.
فلما كان السمع الذي أثبتّه لله هو السمع المعهود في لغة العرب، وهو إدراك المسموعات، وكذلك ضده المنفي عنه هو المعهود في كلام العرب وهو الصمم، وكذلك البصر الذي أثبتَّه لله هو المعهود في كلام العرب وهو إدراك المبصرات، والعلم هو إدراك المعلومات.
وجب أن يكون الكلام لله هو الكلام المعهود في كلام العرب، وهو ما كان بحرف وصوت، كما أن ضده المنفي عنه وهو الخرس المعهود عندهم.
فأما إثبات كلام لا يفهم ولا يعلم فمحال، ولا يلزم على ما قلنا إذا أثبتنا لله كلامًا بحرف وصوت أن يثبت له آلة الكلام؛ لأنه لا يتأتى الكلام بذلك إلا من له آلة الكلام؛ لأنا قد أثبتنا نحن والأشعري لله السمع والبصر والقدرة، وإن لم نصفه بأن له آلة ذلك، وعلى أن الله سبحانه قد أخبر أن السموات والأرض {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت: ١١]، وأخبر أن جهنم تقول:{هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}[ق: ٣٠]، وأخبر أن الجوارح تنطق يوم القيامة بالشهادة، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الذراع المشوية أخبرته أنها مسمومة، وشيء