(أولاً) إنك إذا تعلقت أحد المتقابلين منها لا بد أن تتعقل معه مقابلة الآخر: فإذا تعقلت أن هذا أب أو علة لا بد أن تتعقل معه أن له ابناً أو معلولاً.
(ثانياً) أن شيئًا واحدًا لا يصح أن يكون موضوعاً للمتضايفين من جهة واحدة، فلا يصح أن يكون شخص أباً وابناً لشخص واحد، نعم يكون أباً لشخص وابناً لشخص آخر. وكذا لا يصح أن يكون الشيء فوقاً وتحتاً لنفس ذلك الشيء في وقت واحد. وإنما يكون فوقاً لشيء هو تحت له، وتحتاً لشيء آخر هو فوقه وهكذا.
وعلى هذا البيان يصح تعريف المتضايفين بأنهما:«الوجوديان اللذان يتعقلان معاً ولا يجتمعان في موضوع واحد من جهة واحدة ويجوز أن يرتفعا».
النوع الرابع:(تقابل الملكة وعدمها) كالبصر والعمى، الزواج والعزوبية، فالبصر ملكة والعمى عدمها. والزواج ملكة والعزوبية عدمها.
ولا يصح أن يحل العمى إلا في موضع يصح فيه البصر، لأن العمى ليس هو عدم البصر مطلقاً، بل عدم البصر الخاص، وهو عدمه فيمن شأنه أن يكون بصيراً. وكذا العزوبة لا تقال إلا في موضع يصح فيه الزواج، لا عدم الزواج مطلقاً، فهما ليسا كالنقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان، بل هما يرتفعان. وإن كان يمتنع اجتماعهما، فالحجر لا يقال فيه أعمى ولا بصير، ولا أعزب ولا متزوج، لأن الحجر ليس من شأنه أن يكون بصيراً، ولا من شأنه أن يكون متزوجاً.
إذن الملكة وعدمها:«أمران وجودي وعدمي لا يجتمعان ويجوز أن يرتفعا في موضع لا تصح فيه الملكة»(١).