وصورة الاعتراض:"فإن قلت: إنما يمتنع نفي النقيضين عما يكون قابلاً لهما، وهذان يتقابلان تقابل العدم والمَلَكَة، لا تقابل السلب والإيجاب، فإن الجدار لا يقال له: أعمى ولا بصير، ولا حي ولا ميت، إذ ليس بقابل لهما".
أراد المعترض هنا التفريق بين نوعين من المتقابلين وهما:
تقابل (تقابل النقيضين) أو ما يسمى كذلك تقابل السلب والإيجاب وأن هذا النوع -كما تقدم تعريفه- هو تقابل أمرين وجودي وعدمي، أي عدم لذلك الوجودي، وهما لا يجتمعان ولا يرتفعان ببديهة العقل، ولا واسطة بينهما.
وأن هناك (تقابل العدم والملكة): وهما «أمران وجودي وعدمي لا يجتمعان ويجوز أن يرتفعا في موضع لا تصح فيه الملكة»
والفرق بينهما: أن النقيضان لا يرتفعان ولا يجتمعان، وأما في تقابل العدم والملكة فهما يرتفعان. وإن كان يمتنع اجتماعهما.
واعترض على هذا الفرق بأنه للتشابه القريب بين تقابل الملكة وعدمها من جهة، وبين تقابل الضدين من جهة أخرى، جعل بعض كتب المنطق لا تعدها ضمن التقابل، إذ نجد تقابل المكلة هي تقابلات أضداد، في حين أن الذين ميزوا تقابل الضدين عن تقابل الملكة عللوا بالقول:
١ - أن تعقل أحد الضدين لا يجب أن يتوقف على الآخر عكس تقابل الملكة. ٢ - كما أن تقابل الملكة وعدمها لا يفترض لهما ثالث عكس الضدين اللذين قد يكون لهما ثالث: فالنعومة والخشونة قد ترتفعا معا بحيث يكون الموضع أملس مثلا .. وهكذا.
واعتراض هؤلاء يتمثل بأنه يمتنع نفي النقيضين عن الشيء الذي يكون قابلًا لهذين النقيضين أن يرتفع عنه أحدهما فيمتنع الآخر، فهذا الجدار لا يصدق عليه أنه