مبصر أو أعمى، أو أنه حي أو ميت، وكلاهما نقيضان، لكنه ليس بقابل لهما أصلًا. فهم عدوا أن التقابل هنا هو من تقابل العدم والملكة.
ورد شيخ الإسلام على هذا الاعتراض بعدة أجوبة:
الوجه الأول: وهو مكون من فقرتين:
الفقرة الأولى: قول المصنف: "قيل لك: أولاً: هذا لا يصح في الوجود والعدم، فإنهما متقابلان تقابل السلب والإيجاب، باتفاق العقلاء، فيلزم من رفع أحدهما ثبوت الآخر".
يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن التقابل هنا هو من باب تقابل السلب والإبجاب-كما تقدم تعريفه-هو تقابل أمرين وجودي وعدمي، أي عدم لذلك الوجودي، وهما لا يجتمعان ولا يرتفعان ببديهة العقل، ولا واسطة بينهما، ولذلك عبر المصنف بقوله:"فيلزم من رفع أحدهما ثبوت الآخر" وليس من تقابل العدم والملكة. والفرق بينهما: أن النقيضان لا يرتفعان ولا يجتمعان، وأما في تقابل العدم والملكة فهما يرتفعان. وإن كان يمتنع اجتماعهما.
الفقرة الثانية: قول المصنف: "وأما ما ذكرته من الحياة والموت، والعلم والجهل، فهذا اصطلاح اصطلحت عليه المتفلسفة المشاءون، والاصطلاحات اللفظية ليست دليلا على نفي الحقائق العقلية، وقد قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ • أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} فسمى الجماد ميتًا، وهذا مشهور في لغة العرب وغيرهم".
وأما الاعتراض بعدم وصف الجدار بالحياة والموت ونحو ذلك، فيمكن أن يجاب عليه بأن القول بتقابل العدم والملكة هو اصطلاح اصطلحه أهل المنطق، وإلا فكل ما لا حياة فيه يسمى مواتًا.