قال المصنف رحمه الله تعالى:"وإذا كان ما لا يقبل الوجود ولا العدم أعظم امتناعًا ممّا يُقدَّر قبوله لهما-مع نفيهما عنه-، فما يُقدَّر لا يقبل الحياة ولا الموت، ولا العلم ولا الجهل، ولا القدرة ولا العجز، ولا الكلام ولا الخرس، ولا العمى ولا البصر، ولا السمع ولا الصمم، أقرب إلى المعدوم والممتنع مما يُقدَّر قابلا لهما مع نفيهما عنه. وحينئذ فنفيهما مع كونه قابلا لهما أقرب إلى الوجود والممكن، وما جاز لواجب الوجود قابلا، وجب له، لعدم توقف صفاته على غيره، فإذا جاز القبول وجب، وإذا جاز وجود المقبول وجب.
وقد بسط هذا في موضع آخر وبيِّن وجوب اتصافه بصفات الكمال التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه".
الشرح
أعاد المصنف تأكيد بطلان أقوال غلاة المعطلة مرة أخرى وأعاد تكرار مسألة التقابل من جهة ما يمتنع وما هو أعظم امتناعًا.
وأراد أن يؤكد هذا الامتناع من جهة ما يسمى بالواجب والممكن وما يجب في حق كل منهما وما يجوز وما يمتنع، فالإخبار عن الله تعالى بأنه واجب الوجود يراد به عندهم أن وجوده سبحانه لذاته، فيستحيل عليه العدم أزلاً وأبداً، بخلاف المخلوق فإنه ممكن الوجود أو جائز الوجود، أي يجوز عليه الوجود والعدم، ووجوده لا لذاته، بل بإيجاد الله تعالى، ولذلك قال المصنف: "وما جاز لواجب الوجود قابلًا، وجب له، لعدم توقف صفاته على غيره، فإذا جاز القبول وجب، وإذا جاز وجود