وقول المصنف:"وبهذه الطريقة أفسدت الملاحدة على طوائف من الناس عقولهم ودينهم، حتى أخرجوهم إلى أعظم الكفر والجهالة، وأبلغ الغي والضلالة".
هذا يوضحه كلام الإمام ابن القيم الذي سبق ذكره في تقرير قاعدة القدر المشترك ونعيده هنا لقوة مناسبته لكلام المصنف حيث يقول:
"فأحظى الناس بالحق وأسعدهم به الذي يقع على الخصائص المميزة الفارقة ويلغي القدر المشترك فيحكم بالقدر الفارق على القدر المشترك ويفصله به.
وأبعدهم عن الحق والهدى من عكس هذا السير وسلك ضد هذه الطريق فألغى الخصائص الفارقة وأخذ القدر المشترك وحكم به على القدر الفارق.
وأضل منه من أخذ خصائص كل من النوعين فأعطاها للنوع الآخر.
فهذان طريقا أهل الضلالة اللتان يرجع إليهما جميع شعب ضلالهم وباطلهم.
مثال ذلك: أن أعداء الرسل المكذبين لهم الجاحدين لما جاءوا به من الحق لما أرادوا تلبيس الحق الذي جاءوا به بالباطل أخذوا بينه وبين الباطل قدرا مشتركا ثم ألغوا القدر الفارق وما اختص به أحد النوعين فقالوا هذا الرسول شاعر وكاهن ومجنون وطالب ملك ورياسة وصيت في العالم؛ فأخذوا قدرا مشتركا بين الشعر وبين كلامه الذي جاء به من الترغيب والترهيب وحسن التعبير عن المعاني باللفظ الذي يروق المسامع ويهز القلوب ويحرك النفوس.
فقالوا: هو شاعر وهذا شعر وضربوا عن الخصائص الفارقة صفحا.
وقالوا: هو كاهن لأن الكاهن كان عندهم معروفا بالإخبار عن الأمور الغائبة