للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الغني به، والغني بنفسه أكمل من الغني بغيره.

ولهذا كان من الكمالات ما هو كمال للمخلوق وهو نقص بالنسبة إلى الخالق، وهو كل ما كان مستلزماً لإمكان العدم عليه، المنافي لوجوبه وقيوميته، أو مستلزماً للحدوث المنافي لقدمه، أو مستلزماً لفقره المنافي لغناه)) (١).

وقال في موضع آخر: ((إن الذي يستحقه الرب هو الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وأنه الكمال الممكن للموجود، ومثل هذا لا ينتفي عن الله أصلاً، والكمال النسبي، هو المستلزم للنقص، فيكون كمالاً، من وجه دون وجه، كالأكل للجائع كمالٌ له، وللشبعان نقص فيه، لأنه ليس بكمال محض، بل هو مقرون بالنقص.

والتعالي والتكبر والثناء على النفس، وأمر الناس بعبادته ودعائه والرغبة إليه، ونحو ذلك، مما هو من خصائص الربوبية، هذا كمال محمود من الرب تبارك وتعالى، وهو نقص مذموم من المخلوق)) (٢).

((فالكبرياء والعظمة له، بمنزلة كونه حياً قيوماً قديماً واجباً بنفسه، وأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه العزيز الذي لا ينال، وأنه قهار لكل ما سواه.

فهذه كلها صفات كمال لا يستحقها إلا هو، فما لا يستحقه إلا هو، كيف يكون كمالاً من غيره وهو معدوم لغيره؟ فمن ادعاه كان مفترياً منازعاً للربوبية في خواصِّها، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: العَظَمَةُ إِزَارِي، وَالكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا عَذَبْتُهُ)) (٣)، وجملة ذلك أن الكمال


(١) تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٤٠).
(٢) تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٣٩).
(٣) أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود في سننه (٤/ ٢٢٦ - ٢٢٧)، كتاب اللباس، باب ما جاء في الكبر، برقم (٤٠٩٠)، وابن ماجه في سننه (٤/ ٤٥٧)، كتاب الزهد، باب البراءة من الكبر، والتواضع، برقم (٤١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>