للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن هذا كله، إما عجزاً، أو جهلاً، وإما لاعتقاد أن ذلك بدعة وليس من الدين، وقال لهم الأولون: ردُّكم أيضا علينا بدعة، فإن السلف والأئمة لم يردّوا مثل ما رددتم، وصار أولئك يقولون عن هؤلاء: أنهم ينكرون العقليات، وأنهم لا يقولون بالمعقول، واتفق أولئك المتكلمون مع طوائف من المشركين والصائبين والمجوس وغيرهم من الفلاسفة، الروم والهند والفرس وغيرهم، على ما جعلوه معقولاً يقيسون فيه الحق تارة، والباطل أخرى، وحصل من هؤلاء تفريط وعدوان، ومن هؤلاء تفريط وعدوان، أوجب تفرقاً واختلافاً بين الأمة ليس هذا موضعه.

ودين الإسلام هو الوسط، وهو الحق، والعدل، وهو متضمن لما يستحق أن يكون معقولاً، ولما ينبغي عقله وعلمه، ومنزه عن الجهل والضلال والعجز، وغير ذلك مما دخل فيه أهل الانحراف، فسلك الإمام أحمد وغيره، مع الاستدلال بالنصوص وبالإجماع، مسلك الاستدلال بالفطرة، والأقيسة العقلية الصحيحة المتضمنة للأولى)) (١).

فائدة:

قال الإمام القرطبي -رحمه الله-: ((فإن قيل كيف أضاف المثل هنا (٢) إلى نفسه، وقد قال: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [النحل الآية: ٧٤]، فالجواب: أن قوله: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [النحل الآية: ٧٤]، أي: الأمثال التي توجب الأشباه والنقائص، أي: لا تضربوا لله مثلاً يقتضي نقصاً وتشبيهاً بالخلق، والمثل الأعلى: وصفه بما لا شبيه له، ولا نظير، جل وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً)) (٣).


(١) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٥٣٦ - ٥٣٧).
(٢) أي في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل الآية: ٦٠].
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١٠/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>